للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ، وَفِي الصّحِيحِ أَيْضًا فِي صِفَتِهِ: كَمَا بَيْنَ عَدَنِ أَبْيَنَ إلَى عَمّانَ، وَقَدْ تَقَدّمَ ذِكْرُ أَبْيَنَ، وَأَنّهُ ابْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَيْمَنَ بْنِ حِمْيَرَ، وَأَنّ عَدَنَ سُمّيَتْ بِرَجُلِ مِنْ حَمِيرَ عَدَنَ بِهَا، أَيْ: أَقَامَ، وَتَقَدّمَ أَيْضًا مَا قَالَهُ الطّبَرِيّ أَنّ عَدَنَ وَأَبْيَنَ هُمَا ابْنَا عَدْنَانَ أَخَوَا مَعَدّ، وَأَمّا عَمّانَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، فَهِيَ بِالشّامِ قُرْبُ دِمَشْقَ، سُمّيَتْ بِعَمّانَ بْنِ لُوطِ بْنِ هَارَانَ، كَانَ سَكَنَهَا- فِيمَا ذَكَرُوا- وَأَمّا عُمَانُ بِضَمّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، فَهُوَ بِالْيَمَنِ سُمّيَتْ بِعُمَانَ بْنِ سِنَانٍ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ- فِيمَا ذَكَرُوا- وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يُعْرَفُ فِي وَلَدِ إبْرَاهِيمَ لِصُلْبِهِ مِنْ اسْمِهِ سِنَانٍ. وَفِي صِفَةِ الْحَوْضِ أَيْضًا كَمَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَمَكّةَ، وَكَمَا بَيْنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْكَعْبَةِ، وَهَذِهِ كُلّهَا رِوَايَاتٌ مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي، وَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَاتُ بَعْضُهَا أَبْعَدُ مِنْ بَعْضٍ، فَكَذَلِكَ الْحَوْضُ أَيْضًا لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ وَزَوَايَا وَأَرْكَانٌ، فَيَكُونُ اخْتِلَافُ هَذِهِ الْمَسَافَاتِ الّتِي فِي الْحَدِيث عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ جَعَلَنَا اللهُ مِنْ الْوَارِدِينَ عَلَيْهِ، وَلَا أَظْمَأَ أَكْبَادَنَا فِي الْآخِرَةِ إلَيْهِ. وَمِمّا جَاءَ فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ- قَالَتْ: الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنّةِ، لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إلّا سَمِعَ خَرِيرَ ذَلِكَ النّهَرِ، وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فى السيرة من رواية يونس، وراوه الدّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ الشّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ أَعْطَانِي نَهَرًا يُقَالُ لَهُ الْكَوْثَرُ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْ أُمّتِي أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ ذَلِكَ الْكَوْثَرِ إلّا سَمِعَهُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَدْخِلِي أُصْبُعَيْك فِي أُذُنَيْك وَشِدّي، فَاَلّذِي تَسْمَعِينَ فِيهِمَا مِنْ خَرِيرِ الكوثر «١» » وروى


(١) حديث ابن أبى نجيح منقطع، وحديث الدار قطنى مرفوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>