للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَكَبّرَ لِلرّؤْيَا، وَهَشّ فُؤَادُهُ ... وَبَشّرَ قَلْبًا كَانَ جَمّا بَلَابِلُهُ «١»

قَالُوا: وَفِي الْآيَةِ بَيَانُ أَنّهَا كَانَتْ فِي الْيَقَظَةِ، لِأَنّهُ قَالَ: «وَمَا جَعَلْنَا الرّؤْيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً للناس» وَلَوْ كَانَتْ رُؤْيَا نَوْمٍ مَا افْتَتَنَ بِهَا النّاسُ حَتّى ارْتَدّ كَثِيرٌ مِمّنْ أَسْلَمَ، وَقَالَ الْكُفّار: يَزْعُمُ مُحَمّدٌ أَنّهُ أَتَى بَيْت الْمَقْدِسِ، وَرَجَعَ إلَى مَكّةَ لَيْلَتَهُ، وَالْعِيرُ تَطْرُدُ إلَيْهَا شَهْرًا مُقْبِلَةً وَشَهْرًا مُدْبِرَةً، وَلَوْ كَانَتْ رُؤْيَا نَوْمٍ، لَمْ يَسْتَبْعِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا، فَمَعْلُومٌ أَنّ النّائِمَ قَدْ يَرَى نَفْسَهُ فِي السّمَاءِ، وَفِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَلَا يُسْتَبْعَدُ مِنْهُ ذَلِكَ واحتج هؤلاء أيضا بشر به الْمَاءَ مِنْ الْإِنَاءِ الّذِي كَانَ مُغَطّى عِنْدَ الْقَوْمِ، وَوَجَدُوهُ حِينَ أَصْبَحَ لَا مَاء فِيهِ، وَبِإِرْشَادِهِ لِلّذِينَ نَدّ بَعِيرُهُمْ حِين أَنْفَرَهُمْ حِسّ الدّابّةِ، وَهُوَ الْبُرَاقُ حَتّى دَلّهُمْ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَ أهل مكة بأمارة ذلك، حتى ذكر الْغِرَارَتَيْنِ السّوْدَاء وَالْبَرْقَاءِ «٢» كَمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: أَنّهُ وَعَدَ قُرَيْشًا بِقُدُومِ الْعِيرِ الّتِي أَرْشَدَهُمْ إلَى الْبَعِيرِ، وَشَرِبَ إنَاءَهُمْ، وأنهم سيقدمون ويخبرون بذلك،


(١) البلابل: شدة الهم والوسواس فى الصدر. والراعى هو: عبيد بن حصين ابن معاوية من بنى نمير، يكنى أبا جندل أو أبا نوح شاعر إسلامى، وهم أهل بيت وسؤدد. وسمى الراعى لقوله:
ضعيف العصا بادى العروق تخاله ... عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا
حذا إبل إن تتبع الريح مرة ... يدعها ويخف الصوت حتى تربعا
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت ... لأخفاقها مرعى تبوأ مضجعا
(٢) اجتمع فيها سواد وبياض. وفى الرواية أنها بيضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>