. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تِلْكَ اللّيْلَةَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْضِي أَنّهُمْ كَانُوا جَمَاعَةً. فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْإِسْرَاءُ رُؤْيَا بِقَلْبِهِ، فَتَأْوِيلُهَا أَنّ ذَلِكَ سَيَكُونُ، وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَا عَيْنٍ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ وَغَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ: أَنّ ذَلِكَ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ رَآهَا هُنَالِكَ، لِأَنّ اللهَ تَعَالَى يَتَوَفّى الْخَلْقَ فِي مَنَامِهِمْ، كَمَا قَالَ فِي التّنْزِيلِ: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها الزّمَرُ ٤٣ فَصَعِدَ بِالْأَرْوَاحِ إلَى هُنَالِكَ، فَرَآهَا ثُمّ أُعِيدَتْ إلَى أَجْسَادِهَا. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُدّثّرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ.
فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٣٩: ٤٠. قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هُمْ الْأَطْفَالُ الّذِينَ مَاتُوا صِغَارًا، وَلِذَلِكَ سَأَلُوا المجرمين: (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) لِأَنّهُمْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِكُفْرِ الْكَافِرِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصّحِيحِ أَنّ أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي كِفَالَةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ، وَأَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- قال لِجِبْرِيلَ حِينَ رَآهُمْ فِي الرّوْضَةِ مَعَ إبْرَاهِيمَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَمُوتُونَ صِغَارًا، فَقَالَ لَهُ: وَأَوْلَادُ الْكَافِرِينَ، قَالَ: وَأَوْلَادُ الْكَافِرِين. خَرّجَهُ الْبُخَارِيّ فِي الْحَدِيثِ الطّوِيلِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَخَرّجَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَقَالَ فِيهِ: أَوْلَادُ النّاسِ، فَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوّلِ نَصّ، وَفِي الثّانِي عُمُومٌ، وَقَدْ رُوِيَ فِي أَطْفَالِ الْكَافِرِينَ أَنّهُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنّةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الّذِي رَآهُ عَنْ يَمِينِ آدَم مِنْ نَسَمِ ذُرّيّتِهِ أَرْوَاحُ هَؤُلَاءِ، وَفِي هَذَا مَا يَدْفَعُ تَشْعِيبَ هَذَا السّؤَالِ وَالِاعْتِرَاضِ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute