للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَوَاهُ التّرْمِذِيّ «١» مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ فِي حَدِيثٍ طويل، ولما كانت هذه رؤيا


(١) الحديث كما رواه أحمد بسنده عن ابن عباس أن رسول الله «ص» قال: أتانى ربى الليلة فى أحسن صورة- أحسبه يعنى فى النوم- فقال: يا محمد أتدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت لا، فوضع يده بين كتفى حتى وجدت بردها بين ثديى- أو قال نحرى فعلمت- فى السموات والأرض، ثم قال: يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: نعم يختصمون فى الكفارات والدرجات. قال: وما الكفارات؟ قال: قلت المكث فى المساجد بعد الصلوات، والمشى على الأقدام إلى الجماعات، وإبلاغ الوضوء فى المكاره، من فعل ذلك عاش بخير. ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقال: قل يا محمد إذا صليت. اللهم إنى أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضنى إليك غير مفتون. قال: والدرجات: بذل الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، ورواه أحمد أيضا بسنده عن معاذ قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح، حتى كدنا نتراءى قرن الشمس، فخرج- صلى الله عليه وسلم- سريعا فثوب بالصلاة، فصلى، وتجوز فى صلاته، فلما سلم، قال- صلى الله عليه وسلم- كما أنتم، ثم أقبل إلينا فقال: إنى قمت من الليل، فصليت ما قدر لى، فنعست فى صلاتى حتى استيقظت، فإذا أنا بربى عز وجل فى أحسن صورة» الخ ولكنه قال فى هذه الرواية: فتجلى لى كل شىء وعرفت، بدلا من: فعلمت ما فى السموات الأرض. وشتان ما هما فى الدلالة. وعن الدرجات قال فيها: لين الكلام بدلا من إفشاء السلام. أما الدعاء ففى رواية معاذ أن الله قال له: سل، قلت: اللهم إنى أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين وأن تغفر لى، وترحمنى، وإذا أردت فتنة بقوم فتوفنى غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك وحب عمل يقربنى إلى حبك، أما فى رواية ابن عباس، فقد ورد أن الله هو الذى طلب منه أن يقول هذا، وعلمه إياه. هذا والحديث رواه الترمذى من حديث جهضم بن عبد الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اليمامى، وقال: حسن صحيح، وهو فى السنن من طرق. ويقول ابن كثير: وهو حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة، فقد غلط. وما أعظم فقه أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فيما رواه أحمد بسنده عن عامر، قال: أتى مسروق عائشة، فقال: يا أم المؤمنين: هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم- ربه عز وجل؟ قالت سبحان الله لقد قف شعرى لما قلت. أين أنت من ثلاث من حدثكهن، فقد كذب. من حدثك أن محمدا رأى ربه، فقد كذب، ثم قرأت: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ومن أخبرك أنه يعلم ما فى غد، فقد كذب. ثم قرأت: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) الاية. ومن أخبرك أن محمدا قد كتم، فقد كذب، ثم قرأت: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ولكنه رأى جبريل فى صورته مرتين» وتدبر ما رواه أحمد بسنده عن مسروق قال: «كنت عند عائشة، فقالت: أليس الله يقول: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ- وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) فقالت: أنا أول هذه الأمة، سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنها، فقال: إنما ذاك جبريل. لم يره فى صورته التى خلق عليها إلا مرتين، رآه منهبطا من السماء إلى الأرض سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض» وأخرجاه فى الصحيحين من حديث الشعبى به. ولمسلم فى الرؤية طريقان بلفظين عن أبى ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: نورانى أراه. والأخر: رأيت نورا. وقد حكى الخلال فى علله أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث، فقال: ما زلت منكرا له، وما أدرى ما وجهه.. ويقول الأئمة: إن عائشة سألت عن الرؤية بعد الإسراء، ولم يثبت لها النبى الرؤية، ومن قال: إنه خاطبها على قدر عقلها، أو حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه كابن خزيمة فى كتاب التوحيد، فإنه هو المخطىء. وقد ثبت فى صحيح مسلم عن أبى هريرة أنه قال فى قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) قال: رأى جبريل عليه السلام. وحسبنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>