. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه سلم- أَنْ يُجَمّعَ بِمَكّةَ، وَلَا يُبْدِيَ لَهُمْ، فَكَتَبَ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ:
أَمّا بَعْدُ: فَانْظُرْ الْيَوْمَ الّذِي تَجْهَرُ فِيهِ الْيَهُودُ بِالزّبُورِ لِسَبْتِهِمْ، فَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، فَإِذَا مَالَ النّهَارُ عَنْ شَطْرِهِ عِنْدَ الزّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَتَقَرّبُوا إلَى اللهِ بِرَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَأَوّلُ مَنْ جَمّعَ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، حَتّى قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَجَمّعَ عِنْدَ الزّوَالِ مِنْ الظّهْرِ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى قَوْلِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَضَلّتْهُ الْيَهُودُ وَالنّصَارَى، وَهَدَاكُمْ اللهُ إلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ العلم أن اليهود أمروا ليوم مِنْ الْأُسْبُوعِ، يُعَظّمُونَ اللهَ فِيهِ، وَيَتَفَرّغُونَ لِعِبَادَتِهِ، فَاخْتَارُوا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ السّبْتَ فَأُلْزِمُوهُ فِي شَرْعِهِمْ، كَذَلِكَ النّصَارَى أُمِرُوا عَلَى لِسَانِ عِيسَى ليوم مِنْ الْأُسْبُوعِ، فَاخْتَارُوا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ الْأَحَدَ، فَأُلْزِمُوهُ شَرْعًا لَهُمْ.
قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَكَانَ الْيَهُودُ إنّمَا اخْتَارُوا السّبْتَ، لِأَنّهُمْ اعْتَقَدُوهُ الْيَوْمَ السّابِعَ، ثم زادوا الكفرهم أَنّ اللهَ اسْتَرَاحَ فِيهِ، تَعَالَى اللهُ عَنْ قَوْلِهِمْ، لِأَنّ بَدْءَ الْخَلْقِ عِنْدَهُمْ الْأَحَدُ، وَآخِرَ الستة لأيام الّتِي خَلَقَ اللهُ فِيهَا الْخَلْقَ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ النّصَارَى، فَاخْتَارُوا الْأَحَدَ، لِأَنّهُ أَوّلُ الْأَيّامِ فِي زَعْمِهِمْ، وَقَدْ شَهِدَ الرّسُولُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْفَرِيقَيْنِ بِإِضْلَالِ الْيَوْمِ، وَقَالَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إنّ اللهَ خَلَقَ التّرْبَةَ يَوْمَ السّبْتِ، فَبَيّنَ أَنّ أَوّلَ الْأَيّامِ الّتِي خَلَقَ اللهُ فِيهَا الْخَلْقَ السّبْتَ، وَآخِرَ الْأَيّامِ السّتّةِ إذًا الْخَمِيسُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ الطّبَرِيّ، وَفِي الْأَثَرِ أَنّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُمّيَ الْجُمُعَةَ، لِأَنّهُ جَمَعَ فِيهِ خَلْقَ آدَمَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَلْمَانَ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قَدّمْنَا فِي حَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute