للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا الحديث، وأعنق فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ إسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، وَمَالَ إلَى قَوْلِ الْيَهُودِ فِي أَنّ الْأَحَدَ هُوَ الْأَوّلُ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ سَادِسٌ لَا وِتْرٌ وَإِنّمَا الْوِتْرُ فِي قَوْلِهِمْ يَوْمُ السّبْتِ مَعَ مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ: أَضَلّتْهُ الْيَهُودُ وَالنّصَارَى، وَهَدَاكُمْ اللهُ إلَيْهِ، وَمَا احْتَجّ بِهِ بالطبرى «١» مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ، فَلَيْسَ فِي الصّحّةِ كَاَلّذِي قَدّمْنَاهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ فِيهِ التّأْوِيلُ أَيْضًا، فَقِفْ بِقَلْبِك عَلَى حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي تَعَبّدِ الْخَلْقِ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التّذْكِرَةِ بِإِنْشَاءِ هَذَا الْجِنْسِ وَمَبْدَئِهِ، كَمَا قَدّمْنَا، وَلِمَا فِيهِ أيضا من النذكرة بِأَحَدِيّةِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَانْفِرَادِهِ قَبْلَ الْخَلْقِ بِنَفْسِهِ، فَإِنّك إذَا كُنْت فِي الْجُمُعَةِ، وَتَفَكّرْت فِي كل جمعة قبل حَتّى يَتَرَقّى وَهْمُك إلَى الْجُمُعَةِ الّتِي خُلِقَ فِيهَا أَبُوك آدَمُ ثُمّ فَكّرْت فِي الْأَيّامِ الستة التى قبل يوم الجمعة،


(١) اختلاف لا طائل تحته. ولنتدبر معا ما ذكرت به من قبل من قول الله سبحانه (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) هذا وقد ورد فى سفر التكوين أول أسفار التوراة كما يقول النصارى واليهود، أن الله خلق الليل والنهار فى اليوم الأول، وخلق السماء فى اليوم الثانى، وخلق الأرض بنباتها وشجرها فى اليوم الثالث، وخلق أنوار السماء ونجومها فى اليوم الرابع، وخلق ما فى البحر من زحافات، وما فى الأرض من طير، وكل ذوات الأنفس الحية- ما عدا الإنسان- فى اليوم الخامس، ثم عمل وحوش الأرض وبهائمها ودباباتها، ثم قال «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التى تدب على الأرض، فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه ذكر وأنثى خلقهم، كل هذا فى اليوم السادس، ثم يقول السفر «وفرغ الله فى اليوم السابع من عمله الذى عمل» فلنتدبر ما يروى لنا من غير القرآن، فقد يكون من هذه الأسفار ونحن لا ندرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>