. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَدَائِهَا مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ، إذَا أَجْنَبَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ صِحّةِ الصّلَاةِ، وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخّرِينَ أَنّ اغتساله سنّة لا فريضة وَلَيْسَ عِنْدِي بِالْبَيّنِ لِأَنّ اللهَ سبحانه يقول: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ التّوْبَةَ: ٢٨ وَحُكْمُ النّجَاسَةِ إنّمَا يُرْفَعُ بِالطّهَارَةِ وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِمْ بِالتّنْجِيسِ لِمَوْضِعِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنّهُ قَدْ عَلّقَ الْحُكْمَ بِصِفَةِ الشّرْكِ وَالْحُكْمُ الْمُعَلّلُ بِالصّفَةِ مُرْتَبِطٌ بِهَا فَإِذَا ارْتَفَعَ حُكْمُ الشّرْكِ بِالْإِيمَانِ لَمْ يَبْقَ لِلْجَنَابَةِ حُكْمٌ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ جُنُبًا، ثُمّ بَالَ فَالطّهُورُ مِنْ الْجَنَابَةِ، يَرْفَعُ عَنْهُ حُكْمَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَهُوَ حَدَثُ الْوُضُوءِ، لِأَنّ الطّهَارَةَ الصّغْرَى دَاخِلَةٌ فِي الْكُبْرَى، وَتَطَهّرُهُ مِنْ تَنْجِيسِ الشّرْكِ بِإِيمَانِهِ هُوَ أَيْضًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الطّهْرِ مِنْ الْجَنَابَةِ، الطّهَارَةُ الْكُبْرَى، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُغْنِيَةً عَنْهَا، كَمَا كَانَتْ الطّهَارَةُ مِنْ الْجَنَابَةِ مُغْنِيَةً عَنْ الطّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ، إذ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الطّهَارَاتِ مُزِيلَةً لِعَيْنِ نَجَاسَةٍ فِيهَا، فَيَنْبَغِي بَعْدَ هَذَا أَنّ أَمْرَهُ بِالِاغْتِسَالِ تَعَبّدٌ، وَالْحُكْمُ بِأَنّهُ غَيْرُ فَرْضٍ تَحَكّمٌ وَاَللهُ أَعْلَمُ، غَيْرَ أَنّ التّرْمِذِيّ خَرّجَ حَدِيثَ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ حِينَ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ. قَالَ التّرْمِذِيّ: وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبّونَ لِلْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَيَغْسِلَ ثِيَابَهُ، فَقَالَ: يَسْتَحِبّونَ، وَجَعَلَهَا مَسْأَلَةَ اسْتِحْبَابٍ.
مِنْ شَرْحِ شِعْرِ ابْنِ الْأَسْلَتِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ شِعْرَ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ، وَفِيهِ قَوْلُهُ:
وَلَوْلَا رَبّنَا كُنّا يَهُودًا ... وَمَا دِينُ الْيَهُودِ بِذِي شُكُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute