للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ:

وَذَكَرَ قَوْلَ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَهُوَ أَوّلُ مَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْبَيْعَةِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ، فَقَالَ: نُبَايِعُك عَلَى أَنْ نَمْنَعَك مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، أَرَادَ: نِسَاءَنَا، وَالْعَرَبُ تُكَنّي عَنْ الْمَرْأَةِ بِالْإِزَارِ، وَتُكَنّي أَيْضًا بِالْإِزَارِ عَنْ النّفْسِ، وَتَجْعَلُ الثّوْبَ عِبَارَةً عَنْ لَابِسِهِ كَمَا قَالَ:

رَمَوْهَا بِأَثْوَابِ خِفَافٍ فَلَا تَرَى ... لَهَا شَبَهًا إلّا النّعَامَ الْمُنَفّرَا «١»

أَيْ: بِأَبْدَانِ خِفَافٍ، فَقَوْلُهُ مِمّا نَمْنَعُ أُزُرَنَا يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَدْ قَالَ الْفَارِسِيّ فِي قَوْلِ الرّجُلِ الّذِي كَتَبَ إلَى عُمَرَ مِنْ الْغَزْوِ يُذَكّرُهُ بِأَهْلِهِ:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولًا ... فِدَى لَك مِنْ أَخِي ثِقَةٍ إزَارِي

قَالَ: الْإِزَارُ: كِنَايَةٌ عَنْ الْأَهْلِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْإِغْرَاءِ أَيْ:

احْفَظْ إزَارِي، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْإِزَارُ فِي هَذَا الْبَيْتِ كِنَايَةٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَعْنَاهُ فِدَا لَك نَفْسِي، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْضِيّ فِي الْعَرَبِيّةِ، وَاَلّذِي قَالَهُ الْفَارِسِيّ بَعِيدٌ عَنْ الصّوَابِ، لِأَنّهُ أَضْمَرَ الْمُبْتَدَأَ، وَأَضْمَرَ الْفِعْلَ النّاصِبَ لِلْإِزَارِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لِبُعْدِهِ، عَنْهُ، وَبُعْدُ الْبَيْتِ مَا يَدُلّ عَلَى صِحّةِ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ:

قَلَائِصَنَا هَدَاك اللهُ مَهْلًا ... شغلنا عنكم زمن الحصار «٢»


(١) البيت لليلى الأخيلية ص ٩٢٢ سمط اللآلى.
(٢) أصل القصة أن نفيلة الأكبر الأشجعى- وكنيته أبو المنهال- كتب إلى عمر أبياتا من الشعر يشير فيها إلى رجل كان واليا على مدينتهم يخرج الجوارى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ
ــ
إلى سلع عند خروج أزواجهن إلى الغزو، فيعقلهن، ويقول: لا يمشى فى العقال إلا الحصان، فربما وقعت، فتكشفت، وكان اسم هذا الرجل جعدة بن عبد الله السلمى، فقال ما ذكر السهيلى وبعدهما:
فما قلص وجدن معقلات ... قفا سلع بمختلف النجار
قلائص من بنى كعب بن عمرو ... وأسلم أو جهينة أو غفار
يعقلهن جعدة من سليم ... غوى يبتغى سقط العذارى
يعقلهن أبيض شيظمى ... وبئس معقل الذود الخيار
وفى وفاء الوفاء للسمهودى: «من بنى سعد بن بكر، أو أسلم» بدلا مما ذكر فى البيت الثالث: وكنى بالقلاص عن النساء، ونصبها على الإغراء، فلما وقف عمر- رضى الله عنه- على الأبيات عزله، وسأله عن ذلك الأمر، فاعترف، فجلده مائة معقولا، وأطرده إلى الشام، ثم سئل فيه، فأخرجه من الشام، ولم يأذن له فى دخول المدينة، ثم سئل فيه أن يدخل ليجمع، فكان إذا رآه عمر توعده، فقال:
أكل الدهر جعدة مستحق ... أبا حفص لشتم أو وعيد
فما أنا بالبرىء براه عذر ... ولا بالخالع الرسن الشرود
وقول جعدة: فدا لك الخ: أى أهلى ونفسى. وقال الجرمى: يريد بالإزار ههنا: المرأة. والقصة مشهورة، وقد رويت لغيره، ورواها الآمدى فقال عن جعدة: كان غزلا صاحب نساء يحدثهن ويضحكهن، ويمازحهن، فكن يجتمعن عنده، فيأخذ المرأة فيعقلها، ثم يأمرها أن تمشى فتتعثر، فتقع، فتنكشف، فيتاضحكن من ذلك إلخ وقد ذكر ابن حجر ترجمته فى الإصابة فى القسم الثالث فيمن أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يرد أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم. ونفيلة فى الإصابة: بقيلة الأكبر الأشجعى من بنى بكر ابن أشجع، وهو بقاف مصغر، ذكره الآمدى فى حرف الموحدة. وقال الزبير ابن بكار: سمت العتبى يصحفه، فيقول: نفيلة، وقد شهد نفيلة أو بقيلة القادسية مع عمر. أنظر اللسان مادة أزر، والإصابة ترجمة بقيلة، وجعدة ح ١

<<  <  ج: ص:  >  >>