بَلْ بَنِي النّجّارِ إنّ لَنَا ... فِيهِمْ قَتْلَى، وَإِنّ تِرَه
فَتَلَقّتْهُمْ مُسَايِفَةٌ ... مُدّهَا كالغَبْية النّثِره
فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ طَلّةَ ... مَلّى الْإِلَهُ قَوْمَهُ عُمُرَهْ
سَيْدٌ سَامِي الْمُلُوكِ وَمَنْ ... رَامَ عَمْرًا لا يكن قدره
ــ
وَقَوْلُهُ: فِيهِمْ قَتْلَى وَإِنّ تِرَه. أَظَهَرَ إنّ بَعْدَ الْوَاوِ. أَرَادَ: إنّ لَنَا قَتْلَى وَتِرَةٌ، وَالتّرَةُ: الْوِتْرُ، فَأَظْهَرَ الْمُضْمَرَ، وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَى أَنّ حُرُوفَ الْعَطْفَ يُضْمَرُ بَعْدَهَا الْعَامِلُ الْمُتَقَدّمُ نَحْوُ قَوْلِك: إنّ زَيْدًا وَعَمْرًا فِي الدّارِ، فَالتّقْدِيرُ:
إنّ زَيْدًا، وَإِنّ عَمْرًا فِي الدّارِ، وَدَلّتْ الْوَاوُ عَلَى مَا أَرَدْت، وَإِنْ احْتَجْت إلَى الْإِظْهَارِ أُظْهِرَتْ؛ كَمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ إلّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ الْجَامِعَةُ فِي نَحْوِ اخْتَصَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَلَيْسَ ثَمّ إضْمَارٌ لِقِيَامِ الْوَاوِ مَقَامَ صِيغَةِ التّثْنِيَةِ، كَأَنّك قُلْت: اخْتَصَمَ هَذَانِ، وَعَلَى هَذَا تَقُولُ: طَلَعَ الشّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَتُغَلّبُ الْمُذَكّرَ، كَأَنّك قُلْت: طَلَعَ هَذَانِ النّيرَانِ، فَإِنْ جَعَلْت الْوَاوَ، هِيَ الّتِي تُضْمَرُ بَعْدَهَا الْفِعْلُ، قُلْت: طَلَعَتْ الشّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَتَقُولُ فى نفى المسئلة الأولى: ما طلع الشمس والقمر، ونفى المسئلة الثّانِيَةِ: مَا طَلَعَتْ الشّمْسُ، وَلَا الْقَمَرُ تُعِيدُ حَرْفَ النّفْيِ. لِيَنْتَفِيَ بِهِ الْفِعْلُ الْمُضْمَرُ. وَيَتَفَرّعُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ فِي النّحْوِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ، لَا نُطَوّلُ بِذِكْرِهَا.
وَقَوْلُهُ: فَتَلَقّتْهُمْ مُسَايِفَةٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ أَيْ كَتِيبَةٌ مُسَايِفَةٌ. وَلَوْ فَتَحْت الْيَاءَ، فَقُلْت: مُسَايَفَةٌ لَكَانَ حَالًا مِنْ الْمَصْدَرِ الّتِي تَكُونُ أَحْوَالًا مِثْلَ: كَلّمْته مُشَافَهَةً، وَلَعَلّ هَذِهِ الْحَالُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْكِتَابِ، فَنَكْشِفُ عَنْ سِرّهَا، وَنُبَيّنُ مَا خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِنْ أَمْرِهَا، وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ الشّيْخُ: فتلقّتهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute