للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالرُّسُلِ، وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ، أَيْ الْآيَاتُ الّتِي وُضِعَتْ عَلَى يَدَيْهِ، مِنْ إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَخَلْقِهِ مِنْ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطّيْرِ، ثُمّ يَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِبْرَاءِ الْأَسْقَامِ، وَالْخَبَرِ بِكَثِيرٍ مِنْ الْغُيُوبِ مِمّا يَدّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ، وَمَا رَدّ عَلَيْهِمْ مِنْ التّوْرَاةِ مَعَ الْإِنْجِيلِ، الّذِي أَحْدَثَ اللهُ إلَيْهِ. ثُمّ ذَكَرَ كُفْرَهُمْ بِذَلِكَ كُلّهِ، فَقَالَ: أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لَا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ، ثُمّ قَالَ تَعَالَى: وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ: فِي أَكِنّةٍ. يَقُولُ اللهُ عَزّ وَجَلّ:

بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ. وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ: قَالُوا: فِينَا وَاَللهِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْقِصّةُ، كُنّا قَدْ عَلَوْنَاهُمْ ظَهْرًا فِي الْجَاهِلِيّةِ وَنَحْنُ أَهْلُ شِرْكٍ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَكَانُوا يَقُولُونَ لَنَا: إنّ نَبِيّا يُبْعَثُ الْآنَ نَتّبِعُهُ قَدْ أَظَلّ زَمَانَهُ، نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ. فَلَمّا بَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قُرَيْشٍ فَاتّبَعْنَاهُ كَفَرُوا بِهِ. يَقُولُ اللهُ: فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ. بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، أَيْ أَنْ جَعَلَهُ فِي غَيْرِهِمْ: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ، وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>