. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقَدْ أَمْلَيْنَا فِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ما نعيده ههنا بِحَوْلِ اللهِ، وَأَمْلَيْنَا أَيْضًا فِي مَعْنَى الرّحِمِ وَاشْتِقَاقِ الْأُمّ لِإِضَافَةِ الرّحِمِ إلَيْهَا، وَوَضْعِهَا فِيهِ عِنْدَ خَلْقِ آدَمَ وَحَوّاءَ، وَكَوْنِ الْأُمّ أَعْظَمَ حَظّا فِي الْبِرّ مِنْ الْأَبِ، مَعَ أَنّهَا فِي الْمِيرَاثِ دُونَهُ أَسْرَارًا بَدِيعَةً، وَمَعَانِيَ لَطِيفَةً أَوْدَعْنَاهَا كِتَابَ الْفَرَائِضِ وَشَرْحَ آيَاتِ الْوَصِيّةِ، فَلْتُنْظَرْ هُنَالِكَ.
وَأَمّا قَوْلُهُ: قَصِيرَةً مِنْ طِوَالِ، فَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ:
صِلُوا قِصَرَهَا مِنْ طِوَلِكُمْ، أَيْ: كُونُوا أَنْتُمْ طِوَالًا بِالصّلَةِ وَالْبِرّ إنْ قَصُرَتْ هِيَ، وَفِي الْحَدِيثِ: [أَنّهُ قَالَ لِأَزْوَاجِهِ] : أَسْرَعُكُنّ لُحُوقًا بِي: أَطْوَلُكُنّ يَدًا [فَاجْتَمَعْنَ يَتَطَاوَلْنَ، فَطَالَتْهُنّ سَوْدَةُ، فَمَاتَتْ زَيْنَبُ أَوَلَهُنّ] أَرَادَ الطّوال بِالصّدَقَةِ وَالْبِرّ، فَكَانَتْ تِلْكَ صِفَةَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ «١» . وَالتّأْوِيلُ الْآخَرُ:
أَنْ يُرِيدَ مَدْحًا لِقَوْمِهِ بِأَنّ أَرْحَامَهُمْ قَصِيرَةُ النّسَبِ، وَلَكِنّهَا مِنْ قَوْمٍ طِوَالٍ كَمَا قَالَ:
أُحِبّ مِنْ النّسْوَانِ كُلّ طَوِيلَةٍ ... لَهَا نَسَبٌ فِي الصّالِحِينَ قَصِيرُ
وَقَالَ الطّائِيّ:
أَنْتُمْ بَنُو النّسَبِ الْقَصِيرِ وَطُولُكُمْ ... بَادٍ عَلَى الْكُبَرَاءِ وَالْأَشْرَافِ
وَالنّسَبُ الْقَصِيرُ: أَنْ يَقُولَ: أنا ابن فلان فيعرف، وتلك: صفة
(١) المعنى فى الحديث: أمدكن يدا بالعطاء من الطول، فظننه من الطول، وكانت زينب تعمل بيدها وتتصدق به. النهاية لابن الأثير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute