للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَقَدْ وَجَدْت الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ «١» إنّهُ لِعَمْرِو بْنِ مَامَةَ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ حَنِينِهِمْ إلَى مَكّةَ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ النّفُوسُ مِنْ حُبّ الْوَطَنِ وَالْحَنِينِ إلَيْهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أُصَيْلٍ الْغِفَارِيّ «٢» ، وَيُقَالُ فِيهِ: الْهُدَلِيّ أَنّهُ قَدِمَ مِنْ مَكّةَ، فَسَأَلْته عَائِشَةُ:

كَيْفَ تَرَكْت مَكّةَ يَا أُصَيْلُ؟ فَقَالَ: تركتها حين ابيضّت أباطحها، وأحجن ثمامها، وأعذق إذْخِرَهَا، وَأَمْشَرَ سَلَمُهَا، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وقال: لا تشوّقنا يَا أُصَيْلُ، وَيُرْوَى أَنّهُ قَالَ لَهُ: دَعْ الْقُلُوبَ تَقَرْ «٣» وَقَدْ قَالَ الْأَوّلُ:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَن لَيْلَةً ... بِوَادِي الْخُزَامَى حَيْثُ رَبّتْنِي أَهْلِي

بِلَادٌ بِهَا نِيطَتْ عَلَيّ تَمَائِمِي ... وَقُطّعْنَ عَنّي حِينَ أَدْرَكَنِي عَقْلِي

وَأَمّا قَوْلُ بلال:


(١) الحديث فى البخارى وغيره.
(٢) هو ابن عبد الله أو ابن سفيان، وقيل فى نسبه الخزاعى أيضا.
(٣) لم يرو هذا أحد من أصحاب الكتب الستة، وإنما رواه الخطابى فى غريبه وأبو موسى فى الذيل، والجاحظ فى كتاب البيان. وأحجن الثمام: خرجت حجنته أى خوصه أو بدا ورقه، وأعذق الإذخر: خرج ثمره، وأمشر سلمها: المشرة:: شبه خوصة تخرج فى العضاة، وفى كثير من الشجر. يقال مشر الشجر، ومشر وأمشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>