. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَارِيخُ الْهِجْرَةِ، وَغَزْوَةُ وَدّانَ ذَكَرَ قُدُومَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ، وَقَدْ قَدّمْنَا فِي بَابُ الْهِجْرَةِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْكَلْبِيّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، وَفِي أَيّ شَهْرٍ كَانَ قُدُومُهُ مِنْ شُهُورِ الْعَجَمِ.
وَذَكَرَ أَنّهُ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ وَشَهْرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَجُمَادَيْنِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ: وَشَهْرَيْ جُمَادَى، أَوْ يَقُولُ: وَبَقِيّةُ رَبِيعٍ وَرَبِيعًا الْآخَرَ، كَمَا قَالَ فِي سَائِرِ الشّهُورِ، وَلَكِنْ الشّهْرُ إذَا سَمّيْته بِالِاسْمِ الْعَلَمِ، لَمْ يَكُنْ ظَرْفًا، وَكَانَتْ الْإِقَامَةُ أَوْ الْعَمَلُ فِيهِ كُلّهِ إلّا أَنْ تَقُولَ شَهْرَ كَذَا، كَمَا تَقَدّمَ مِنْ كَلَامِنَا عَلَى شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ، وَكَذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ، فَقَوْلُ ابْنِ إسْحَاقَ: جُمَادَيْنِ وَرَجَبًا مُسْتَقِيمٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ.
وَقَوْلُهُ: بَقِيّةُ شَهْرِ رَبِيعٍ، فَلِأَنّ الْعَمَلَ وَالْإِقَامَةَ كَانَ فِي بَعْضِهِ: فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ:
بَقِيّةَ رَبِيعٍ الْأَوّلِ، لَكِنّهُ قَالَ: وَشَهْرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ لِيَزْدَوِجَ الْكَلَامُ وَيُشَاكِلَ مَا قَبْلَهُ، وَهَذَا كُلّهُ مِنْ فَصَاحَتِهِ رَحِمَهُ اللهُ أَوْ مِنْ فَصَاحَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ إنْ كَانَ رَوَاهُ عَلَى اللّفْظِ.
وَقَوْلُهُ: وَجُمَادَيْنِ وَرَجَبًا. كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ: وَالْجُمَادَيْنِ بِالْأَلِفِ وَاللّامِ، لِأَنّهُ اسْمُ عَلَمٍ، وَلَا يُثَنّى الْعَلَمُ، فَيَكُونُ مَعْرِفَةً إلّا أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللّامُ، فَتَقُولُ: الزّيْدَانِ وَالْعُمَرَانِ، لَكِنّهُ أَجْرَاهُ بِفَصَاحَتِهِ مَجْرَى أَبَانَيْنِ وَقَنَوَيْنِ، وَكُلّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ اسْمٌ لِجَبَلَيْنِ، وَلَا تَدْخُلُهُ الْأَلِفُ وَاللّامُ، لِأَنّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute