. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَلَمْ يَقْلِبُوا الْوَاوَ مِنْ أَجْلِهِ أَلِفًا حِينَ قَالُوا: النّحَوُ وَالزّهَدُ، وَلَوْ اعْتَدّوا بِالْفَتْحَةِ، لَقَلَبُوا الْوَاو أَلِفًا، كَمَا لَمْ يَعْتَدّوا بِهَا فِي: يَهَبُ وَيَضَعُ، إذْ كَانَ الْفَتْحُ فِيهِ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الْحَلْقِ، وَلَوْ اعْتَدّوا بِهِ، لَرَدّوا الواو فقالوا: بوضع وَيُوهَبُ، كَمَا قَالُوا: يَوْجَلُ.
مَنْ قَائِلٌ أَبِي عذرها وماداء أَبِي جَهْلٍ وَقَوْلُهُ مُصَفّرُ اسْتِهِ: كَلِمَةٌ لَمْ يَخْتَرِعْهَا عُتْبَةُ، وَلَا هُوَ بِأَبِي عُذْرِهَا، قَدْ قِيلَتْ قَبْلَهُ لِقَابُوسِ بْنِ النّعْمَانِ، أَوْ لِقَابُوسِ بْنِ الْمُنْذِرِ، لِأَنّهُ كَانَ مُرَفّهًا لَا يَغْزُو فِي الْحُرُوبِ، فَقِيلَ لَهُ: مُصَفّرُ اسْتِهِ، يُرِيدُونَ: صُفْرَةَ الْخُلُوقِ وَالطّيبِ، وَقَدْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ الْهَبَاءَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنّ حُذَيْفَةَ كَانَ مَسْتُوهًا، فَإِذَا لَا يَصِحّ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي أَبِي جَهْلٍ مِنْ قَوْلِ عُتْبَةَ فِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: إنّهُ كَانَ مَسْتُوهًا وَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَسَادَةُ الْعَرَبِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْخُلُوقَ وَالطّيبَ إلّا فِي الدّعَةِ وَالْخَفْضِ وَتَعِيبُهُ فِي الْحَرْبِ أَشَدّ الْعَيْبِ، وَأَحْسِبُ أَنّ أَبَا جَهْلٍ لَمّا سَلِمَتْ الْعِيرُ، وَأَرَادَ أَنْ، يَنْحَرَ الْجَزُورَ، وَيَشْرَبَ الْخَمْرَ بِبَدْرِ، وَتَعْزِفَ عَلَيْهِ الْقِيَانُ بِهَا اسْتَعْمَلَ الطّيبَ أَوْ هَمّ بِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ الشّاعِرِ فِي بَنِي مَخْزُومٍ:
وَمِنْ جَهْلٍ أَبُو جَهْلٍ أَخُوكُمْ ... غَزَا بَدْرًا بِمِجْمَرَةِ وَتَوْرِ
يُرِيدُ: أَنّهُ تَبَخّرَ وَتَطَيّبَ فِي الْحَرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute