أصله أن يقال: ذات علم، ذات قدرة، ذات سمع، فهى مؤنث لفظ يستلزم الإضافة وهو ذو، والذات المجردة عن الصفة لا توجد إلا فى الذهن فقط. أما الموجودات فى أنفسها فلا يمكن فيها وجود ذات مجردة عن الصفات. يقول الإمام ابن تيمية «وأصل النفاة المعطلة من الجهمية والمعتزلة أنهم يصفون الله بما لم يقم به، بل بما قام بغيره، أو بما لم يوجد. ويقولون: هذه إضافات لا صفات، فيقولون: هو رحيم ويرحم، والرحمة لا تقوم به، بل هى مخلوقة، وهى نعمته، ويقولون: هو يرضى ويغضب، والرضا والغضب لا يقوم به، بل هو مخلوق، وهو ثوابه وعقابه ويقولون: هو متكلم ويتكلم، والكلام لا يقوم به، بل هو مخلوق قائم بغيره» جواب أهل العلم والإيمان ص ٨٨. وأقول: ترى لو وقف هؤلاء عند قولهم: هو يرضى ويغضب، هو متكلم ويتكلم، هو رحيم ويرحم أكان الله سائلهم يوم القيامة: أهذه صفات أم إضافات؟ إنها لعنة علم الكلام الذى استمد من ضلالات السابقين. ثم يقول الإمام ابن تيمية: «مذهب السلف والأئمة إثبات الصفات ونفى مماثلتها بصفات المخلوقات، فالله تعالى موصوف بصفات الكمال الذى لا نقص فيه، منزه عن صفات النقص مطلقا، ومنزه عن أن يماثله غيره فى صفات كماله، فهذان المعنيان جمعا: التنزيه، وقد دل عليهما قوله تعالى: «قُلْ: هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ» فالاسم الصمد يتضمن صفات الكمال. والاسم الأحد يتضمن نقى المثل ... فالقول فى صفاته كالقول فى ذاته، والله تعالى ليس كمثله شئ، لا فى ذاته، ولا فى صفاته، ولا فى أفعاله، لكن يفهم من ذلك أن نسبة هذه الصفة إلى موصوفها، كنسبة هذه الصفة إلى موصوفها، فعلم الله وكلامه ونزوله واستواؤه هو كما يناسب ذاته، ويليق بها كما أن صفة العبد هى كما يناسب ذاته، ويليق بها، ونسبة صفاته إلى ذاته كنسبة صفات العبد إلى ذاته ولهذا قال بعضهم: إذا قال لك السائل: كيف ينزل، أو كيف يستوى أو كيف يعلم، أو كيف يتكلم، ويقدر ويخلق؟ فقل له: كيف هو فى نفسه؟ فإذا قال: أنا لا أعلم كيفية ذاته. فقل له: وأنا لا أعلم كيفية صفاته؛ فإن العلم بكيفية الصفة يتبع العلم بكيفية الموصوف» شرح حديث النزول ص ١٠ طبع ١٣٦٦ هـ-