للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَوْمِ اثْنَيْنِ، وَذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ قَدْ بَشّرَتْهُ بِمَوْلِدِهِ، فَقَالَتْ لَهُ: أَشَعَرْت أَنّ آمِنَةَ وَلَدَتْ غُلَامًا لِأَخِيك عَبْدِ اللهِ؟ فقال لها: اذهبى، فأنت حرّة، فنفعه ذلك «١» ، وهو فى النّارِ كَمَا نَفَعَ أَخَاهُ أَبَا طَالِبٍ ذَبّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ أَهْوَنُ أَهْلِ النّارِ عَذَابًا، وَقَدْ تَقَدّمَ فِي بَابِ أَبِي طَالِبٍ أَنّ هَذَا النّفْعَ إنّمَا هُوَ نُقْصَانٌ مِنْ الْعَذَابِ، وَإِلّا فَعَمَلُ الْكَافِرِ كُلّهُ مُحْبَطٌ بِلَا خِلَافٍ، أَيْ: لَا يَجِدُهُ «٢» فِي مِيزَانِهِ، وَلَا يَدْخُلُ بِهِ جَنّةً، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِلُ ثُوَيْبَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيُتْحِفُهَا؛ لِأَنّهَا كَانَتْ أَرْضَعَتْهُ، وَأَرْضَعَتْ عَمّهُ حَمْزَةَ، وَلَمّا افْتَتَحَ مَكّةَ سَأَلَ عَنْهَا، وَعَنْ ابْنٍ لَهَا اسْمُهُ: مسروح، فأخبر أنهما قد ماتا «٣» .


(١) هو لم يعتقها إلا بعد الهجرة، وليس للمشرك عند الله عمل فكل عمله حابط. يقول سبحانه (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) الزمر: ٦٥ وقال: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) المائد: ٥ وقال (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها، وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) هود: ١٥ ١٦ هذه الآية تؤكد أن هؤلاء يوفون أعمالهم فى الدنيا، أما فى الآخرة فليس لهم من جزاء إلا النار. والاستثناء هنا لا يدع شيئا من ظن أو توهم حول هذا. كما تؤكد أن ما صنعوا فى الدنيا حابط عند الله، وأن ما عملوه كان باطلا.
(٢) إن نقصان العذاب ثواب ورحمة، فكيف لا يجد شيئا فى ميزانه، ثم ينال ثوابا ورحمة.
(٣) مات ابنها قبلها. ويقول الحافظ فى الإصابة: «ولم أقف فى شىء من الطرق على إسلام ابنها مسروح، وهو محتمل»

<<  <  ج: ص:  >  >>