للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَمّا قَوْلُهُ: فَسُمّيَتْ الْغَنَائِمُ أَنْفَالًا لِهَذَا، فَلَا أَحْسَبُهُ صَحِيحًا، فَقَدْ كَانَتْ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيّةِ الْجَهْلَاءِ تُسَمّيهَا أَنْفَالًا.

وَقَدْ أَنْشَدَ ابْنُ هِشَامٍ لِأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ الْأَسِيدِيّ، وَهُوَ جَاهِلِيّ قَدِيمٌ «١» :

نَكَصْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ يَوْمَ جِئْتُمْ ... تُزَجّونَ أَنْفَالَ الْخَمِيسِ الْعَرَمْرَمِ «٢»

فَفِي هَذَا الْبَيْتِ أَنّهَا كَانَتْ تُسَمّى أَنْفَالًا قَبْلَ أَنْ يُحِلّهَا اللهُ لِمُحَمّدِ وَأُمّتِهِ، فَأَصْلُ اشْتِقَاقِهَا إذًا مِنْ النّفَلِ، وَهُوَ الزّيَادَةُ لِأَنّهَا زِيَادَةٌ فِي أَمْوَالِ الْغَانِمِينَ، وَفِي بَيْتِ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ أَيْضًا شَاهِدٌ آخَرُ عَلَى أَنّ الْجَيْشَ كَانَ يُسَمّى: خَمِيسًا، فِي الْجَاهِلِيّةِ «٣» ، لِأَنّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنّ اسْمَ الْخَمِيسِ مِنْ الْخُمُسِ الّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْمَغْنَمِ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ حَتّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَإِنّمَا كَانَ لِصَاحِبِ الْجَيْشِ الرّبُعُ، وَهُوَ الْمِرْبَاعُ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي اشْتِقَاقِهِ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللهُ. قرأ ابن مسعود وعطاء يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وقرأت الجماعة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ؛ لأنهم سألوها وسألوا عَنْهَا لِمَنْ هِيَ.

وَقَوْلُ عُبَادَةَ بن الصّامت: نزلت فينا أهل بدر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ لأنا منازعنا فِي النّفَلِ، وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا، كَذَلِكَ جَاءَ فى التفسير لعبد بن


(١) كان شاعر مضر حتى أسقطه زهير
(٢) تروى ترجون. أما تزجون، فمعناه: تساقون سوقا رقيقا.
(٣) قيل: سمى كذلك لأنه خمس فرق: المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>