للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَانَ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَصْرِفُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ «١» ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَصْنَافِ الّتِي ذُكِرَتْ فِي الْقُرْآنِ، وَهُمْ ذُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ وَابْنُ السّبِيلِ، وَقَدْ أُعْطِيَ الْمِقْدَادُ حِمَارًا مِنْ الْخُمُسِ أَعْطَاهُ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ، فَرَدّهُ لَمّا لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورِينَ، وَأَمّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَإِنّهُ فَعَلَ خِلَافَ هَذَا، أَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ ثَلَاثِينَ رَأْسًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، إلّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْخُمُسِ، وَأَصَحّ الْقَوْلَيْنِ: أَنّ الْإِمَامَ لَهُ النّظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى صَرْفَ الْخُمُسِ إلَى مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ تَكُنْ بِالْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ إلَيْهِ صَرَفَهُ؛ وَإِلّا بَدَأَ بِهِمْ، وَصَرَفَ بَقِيّتَهُ فِيمَا يَرَى، وَاخْتُلِفَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ هُمْ، فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كُنّا نَرَى أَنّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا، وَقَالُوا هُمْ قُرَيْشٌ كُلّهُمْ، كَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ الّذِي كَتَبَهُ إلَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيّ «٢» ، وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قَرَابَةِ الْإِمَامِ بَعْدَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهُمْ داخلون فى الآية أم لا؟ «٣» والصحيح:


(١) يقول ابن كثير: وقال شيخنا الإمام العلامة ابن تيمية: وهذا قول مالك، وأكثر السلف، وهو أصح الأقوال.
(٢) رواه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى. وفى حديث لمسلم «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شىء واحد» . وفى بعض رواياته «إنهم لم يفارقونا فى جاهلية ولا إسلام» .
(٣) اختلف فى الخمس الذى كان للرسول «ص» ماذا يصنع به بعده، فقال قائلون: يكون لمن يلى الأمر بعده، وقد روى هذا عن أبى بكر وعلى وقتادة وجماعة وروى فيه حديث مرفوع، وقال آخرون: يصرف فى مصالح المسلمين، وقال غيرهم: بل هو مردود على بقية الأصناف ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. ولعل الرأى الثانى هو الأصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>