. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . - وإذا كان تأييد الله للمؤمنين بالتأييدات الروحانية التى تضاعف القوة المعنوية، وتسهيله لهم الأسباب الحسية كانزال المطر، وما كان له من الفوائد لم يكن كافيا لنصره إياهم على المشركين بقتل سبعين وأسر سبعين حتى كان ألف- وقيل آلاف- من الملائكة يقاتلون معهم.. فأى مزية لأهل بدر فضلوا بها على سائر المؤمنين ممن غزوا بعدهم، وأذلوا المشركين، وقتلوا منهم الألوف، وبماذا استحقوا قول الرسول «ص» لعمر: «وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» رواه البخارى ومسلم وغيرهما. وفى كتب السير وصف للمعركة علم منه القاتلون والآسرون لأشد المشركين بأسا، فهل تعارض هذه البينات النقلية والعقلية بروايات لم يرها شيخ المفسرين ابن جرير بأن تنقل، ولم يذكر ابن كثير منها إلا قول الربيع ابن أنس: كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة ممن قتلوا بضرب فوق الأعناق، وعلى البنان مثل سمة النار قد أحرق به.. ومن أين جاء للربيع بهذه الدعوى، ومن الذى رؤى من القتلى بهذه الصفة؟ وكم عدد من قتل الملائكة من السبعين؟، وعدد من قتل أهل بدر غير من سموا وقالوا: قتلهم فلان وفلان كفانا الله شر هذه الروايات الباطلة التى شوهت التفسير، وقلبت الحقائق حتى إنها خالفت نص القرآن نفسه، فالله تعالى يقول فى إمداد الملائكة (وما جعله الله إلا بشرى، ولتطمئن به قلوبكم) وهذه الروايات تقول: بل جعلها مقاتلة، وأن هؤلاء السبعين الذين قتلوا من المشركين لم يمكن قتلهم إلا باجتماع ألف أو ألوف من الملائكة عليهم مع المسلمين الذين خصهم الله بما ذكر من أسباب النصر المتعددة. ألا إن فى هذا من شأن تعظيم المشركين ورفع شأنهم وتكبير شجاعتهم وتصغير شأن أفضل أصحاب الرسول «ص» وأشجعهم ما لا يصدر عن عاقل إلا وقد سلب عقله لتصحيح روايات باطلة لا يصح لها سند، ولم يرفع منها إلا حديث مرسل عن ابن عباس ذكره الألوسى وغيره بغير سند، وابن عباس لم يحضر غزوة بدر لأنه كان صغيرا، رواياته عنها حتى فى الصحيح مرسلة، وقد-