للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَمّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَغَازِي، فإنهم يقولون إنما هو سهل بن بَيْضَاءَ أَخُو سُهَيْلٍ، فَأَمّا، سُهَيْلٌ، فَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَدْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدْرًا، ثُمّ إنّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَفْدِ بَعْدَهَا بِمَالِ، إنّمَا كَانَ يَمُنّ أَوْ يُفَادِي أَسِيرًا بِأَسِيرِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَذَلِكَ وَاَللهُ أعلم لقوله: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا يَعْنِي الْفِدَاءَ بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحَلّ ذَلِكَ وَطَيّبَهُ، وَلَكِنْ مَا فَعَلَهُ الرّسُولُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنّ أَوْ الْمُفَادَاةِ بِالرّجَالِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً كَيْفَ قَدّمَ الْمَنّ عَلَى الْفِدَاءِ، فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدّمَهُ، وَأَمّا مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا، فَالْأَوْزَاعِيّ وَسُفْيَانُ وَمَالِكٌ يَكْرَهُونَ أَخْذَ الْمَالِ فِي الْأَسِيرِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيَةِ الْعَدُوّ بِالرّجَالِ «١» ، وَاخْتَلَفُوا فى


(١) بسط الشيخ رشيد رضا القول فى تفسيره فى هذه المسألة، ثم قال- رحمه الله-: «وجملة القول فى تفسير الآيات الثلاث أنه ليس من سنة الأنبياء، ولا مما ينبغى لأحد منهم أن يكون له أسرى يفاديهم، أو يمن عليهم إلا بعد أن يكون له الغلب والسلطان على أعدائه وأعداء الله الكافرين لئلا يفضى أخذه الأسرى إلى ضعف المؤمنين وقوة أعدائهم وجرأتهم وعدوانهم عليهم، وأن ما فعله المؤمنون من مفاداة أسرى بدر بالمال كان ذنبا سببه إرادة جمهورهم عرض الحياة الدنيا على ما كان من ذنب أخذهم لهم قبل الإثخان الذى تقتضيه الحكمة باعلاء كلمة الله تعالى، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، ولولا ذلك لسألوا الرسول «ص» كما سألوه عن الأنفال من قبله، وأنه لولا كتاب من الله سبق مقتضاه عدم عقابهم على ذنب أخذ الفداء قبل إذنه تعالى، وعلى خلاف سنته وبالغ حكمته لمسهم عذاب عظيم فى أخذهم ذلك وأنه تعالى أحل لهم ما أخذوا وغفر لهم ذنبهم، بأخذه قبل إحلاله، والله غفور رحيم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>