للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَخّرْتهَا عَنْ وَقْتِهَا وَهِيَ مَاخِضُ وَعِنْدِي أَنّ الْمَخَاضَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِجَمْعِ، إنّمَا هُوَ مَصْدَرٌ؛ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِهِ الْجَمِيعُ، وَفِي التّنْزِيلِ: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ وَقَوْلُهُمْ. نَاقَةٌ مَاخِضٌ، كَقَوْلِهِمْ: حَامِلٌ، أَيْ: ذَاتُ مَخَاضٍ، وَذَاتُ حَمْلٍ، وَقَدْ يَقُولُ الرّجُلُ لِنِسَائِهِ أَنْتُنّ الطّلَاقُ، فَلَيْسَ الطّلَاقُ بِجَمْعِ، وَإِنّمَا مَعْنَاهُ: ذَوَاتُ طَلَاقٍ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى الْمَخَاضِ، أَيْ ذَوَاتُ مَخَاضٍ، غَيْرَ أَنّهُ قِيلَ لِلْوَاحِدَةِ: مَاخِضٌ، وَلَمْ يَقُلْ: نَاقَةٌ مَخَاضٌ، أَيْ: ذَاتُ مَخَاضٍ، كَمَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ زَوْرٌ وَصَوْمٌ، لِأَنّ الْمَصْدَرَ إذَا وُصِفَ بِهِ فَإِنّمَا يُرَادُ بِهِ الْكَثِيرُ وَلَا تَكْثِيرُ فِي حَمْلِ الْوَاحِدَةِ، أَلَا تَرَى أَنّك تَقُولُ هِيَ أَصْوَمُ النّاسِ، وَمَا أَصْوَمَهَا، وَلَا يُقَالُ إذَا حَبَلَتْ:

مَا أَحْبَلَهَا، لِأَنّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، كَمَا لَا يُقَالُ فِي الْمَوْتِ: مَا أَمْوَتَهَا، فَلَمّا عَدِمَ قَصْدَ التّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ لَمْ توصف به، كمالا توصف بالسّير إذا قلت:

ما هى إلّا سير، فَإِذَا كَانَتْ إبِلًا كَثِيرَةً حَصَلَ مَعْنَى الْكَثْرَةِ، فَوُصِفَتْ بِالْمَخَاضِ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ لِذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ يَقُولُ الرّجُلُ: أَنْتِ الطّلَاقُ، وَأَنْتِ الْفِرَاقُ قُلْنَا: فِيهِ مَعْنَى التّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَلِذَلِكَ جَازَ لِأَنّهُ شَيْءٌ يَتَمَادَى وَيَدُومُ، لَا سِيّمَا إنْ أراد بالطلاق الطلاق كلّه لا واحدة، وليس كَذَلِكَ الْمَخَاضُ وَالْحَمْلُ، فَإِنّ مُدّتَهُ مَعْلُومَةٌ وَمِقْدَارُهُ موقّت.

وَقَوْلُهُ:

بِأَيْدِي الْمَلَائِكِ، هُوَ جَمْعُ مَلَكٍ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ، وَلَوْ جَمَعُوهُ عَلَى لَفْظِهِ لَقَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>