للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَمَا زَادُوهَا فِي شَمْأَلٍ وَهِيَ مِنْ شَمَلَتْ الرّيحُ، لَكَانَ هَذَا وَجْهًا حَسَنًا، وَسِرّ زِيَادَةِ الْهَمْزَةِ فِي شَمْأَلٍ، وَهِيَ مِنْ شَمَلَتْ الرّيحُ، فَأَطْلَعَتْ الْهَمْزَةُ رَأْسَهَا لِذَلِكَ، إذْ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهَا أَنّهَا مِنْ عَنْ شِمَالِ الْبَيْتِ، وَأَنّهَا شَامِيّةٌ، وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ هُمْ مِنْ مَلَكُوتِ اللهِ، وفيهم رسل، ولواحد مِنْهُمْ مِنْ مَلَكُوتِ اللهِ فَقَطْ، لِأَنّهُ لَا يَتَبَعّضُ كَمَا تَتَبَعّضُ الْجُمْلَةُ مِنْهُمْ، فَأَمّا قَوْلُ الشّاعِرِ:

فَلَسْت لِإِنْسِيّ وَلَكِنْ لَمَأْلُك ... تَنْزِلُ مِنْ جَوّ السّمَاءِ يَصُوبُ

فَهَمَزَ مَأْلُكًا «١» ، وَهُوَ وَاحِدٌ، وَالْبَيْتُ مَجْهُولٌ قَائِلُهُ، وَقَدْ نَسَبَهُ ابْنُ سِيدَهْ إلَى عَلْقَمَةَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ وَصَفَ مَأْلُكًا بِالرّسَالَةِ لِقَوْلِهِ: تَنْزِلُ مِنْ جوّ السّماء يصوب، فحسن الهمز لِتَضَمّنِهِ مَعْنَى الْأُلُوكِ، كَمَا حَسُنَ فِي جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ، إذْ لِلْجُمْلَةِ بَعْضُ هَمّ إرْسَالٍ، وَالْكُلّ مِنْ مَلَكُوتِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ فِي الْوَاحِدِ إلّا مَعْنَى الْمَلَكُوتِيّة فَقَطْ حَتّى يَتَخَصّصَ بِالرّسَالَةِ، كَمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ، فَيَتَضَمّنُ حِينَئِذٍ الْمَعْنَيَيْنِ، فَتَطْلُعُ الْهَمْزَةُ فِي اللّفْظِ، لِمَا فِي ضمنه معنى الألوك، وهى الرسالة.


(١) فى اللسان والقرطبى وغيرهما: ملاك. ويقول القرطبى: قال النصر بن شميل: اشتقاق للملك عند العرب وفى الطبرى أيضا، ولكنه يقول: وقد يقال فى واحدهم: مألك فيكون ذلك مثل قولهم: جبذ وجذب، وشأمل وشمأل وما أشبه ذلك من الحروف المقلوبة غير أن الذى يجب إذا سمى واحدهم مألك أن يجمع إذا جمع على ذلك: مآلك. ولست أحفظ جمعهم كذلك سماعا ولكنهم قد يجمعون ملائك وملائكة كما يجمع اشعث: أشاعث وأشاعثة، ومسمع: مسامع ومسامعة

<<  <  ج: ص:  >  >>