. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَفِيهِ: فِي عَرِينٍ مُغْرِفٍ. الْعَرِينُ: أَجَمَةُ الْأَسَدِ، وَهُوَ الْغَرِيفُ أَيْضًا، وَالْغَرِيفُ أَيْضًا الْكَثِيرُ، فَيَحْتَمِلُ إنّ أَرَادَ بِمُغْرِفِ مُكْثِرًا مِنْ الْأُسْدِ، وَيَحْتَمِلُ إنْ أَرَادَ تَوْكِيدَ مَعْنَى الْغَرِيفِ، كَمَا يُقَالُ: خَبِيثٌ مُخْبِثٌ.
وَذَكَرَ قَوْلَ امْرَأَةِ كَعْبٍ: وَاَللهِ إنّي لَأَعْرِفُ فِي صَوْتِهِ الشّرّ، وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيّ: إنّي لَأَسْمَعُ صَوْتًا يَقْطُرُ مِنْهُ الدّمُ.
وَفِيهِ: مَا رَأَيْت عِطْرًا كَالْيَوْمِ، مَعْنَاهُ: عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: مَا رَأَيْت كَعِطْرِ أَرَاهُ الْيَوْمَ عِطْرًا: كَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ رَجُلًا، أَيْ:
كَرَجُلِ أَرَاهُ الْيَوْمَ رَجُلًا، فَحَذَفَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْكَافُ، وَحَذَفَ الْفِعْلَ، وَهُوَ أَرَى، وَفَاعِلُهُ وَمَفْعُولُهُ، وَهَذَا حَذْفُ كَثِيرٍ لَا سِيمَا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ، وَلَا تُذْكَرُ بَعْدَهُ شَيْئًا إذَا تَعَجّبْت، فَدَلّ عَلَى أَنّهُمْ لَمْ يَحْذِفُوا هَذَا الْحَذْفَ الْكَثِيرَ، وَلَكِنّهُمْ أَوْقَعُوا التّعَجّبَ عَلَى الْيَوْمِ، لِأَنّ الْأَيّامَ تَأْتِي بِالْأَعَاجِيبِ، وَالْعَرَبُ تَذُمّهَا وَتَمْدَحُهَا فِي نَظْمِهَا وَنَثْرِهَا، وَيَعْلَمُ الْمُخَاطَبُ أَنّ الْيَوْمَ لَمْ يُذَمّ لِنَفْسِهِ وَلَا يُعْجَبُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، فَيَلْتَمِسُ مِنْك الْبَيَانَ وَالتّفْسِيرَ لِمَا تَعَجّبْت مِنْهُ، فَتَأْتِي بِالتّمْيِيزِ لِتُبَيّنَ. فَعِطْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى التّمْيِيزِ، وَالدّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنّهُ يَحْسُنُ خَفْضُهُ بِمِنْ، لِأَنّهُ مُتَعَجّبٌ مِنْهُ، فَتَقُولُ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مِنْ رَجُلٍ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَمَشَوْا سَاعَةً، قَالَ فجعل كعب ينشد:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute