للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَعْنِي رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ حَدّثَنِي خَلِيلِي، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الصّحَابَةِ، وَقَالَ لَهُ: مَتَى كَانَ خَلِيلُك، وَإِنّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ هَذَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَوْ كُنْت مُتّخِذًا خَلِيلًا لا تخذت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوّةُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَقُولَ الصّحَابِيّ حَدّثَنِي خَلِيلِي، لِأَنّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ مَعْنَى الْحَبِيبِ، وَإِنّمَا فِيهِ عَلَيْهِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقُولُهَا لِأُحُدِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا خَصّ بِهَا أَحَدًا دُونَ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَقُولَهَا لَهُ، وَمَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْمَحَبّةِ لَهُ يَقْتَضِي هَذَا، وَأَكْثَرَ مِنْهُ، مَا لَمْ يَكُنْ الْغُلُوّ وَالْقَوْلُ الْمَكْرُوهُ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَا تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النّصَارَى الْمَسِيحَ، فَإِنّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. وَقَالَ لِرَجُلِ قَالَ لَهُ: أَنْتَ سَيّدُنَا وَأَطْوَلُنَا طُولًا «١» ، وَأَنْتَ الْجَفْنَةُ الْغَرّاءُ، فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتجْوِيَنّكم الشّيْطَانُ» أَيْ: قُولُوا بِقَوْلِ أَهْلِ دِينِكُمْ وَأَهْلِ مِلّتِكُمْ، كَذَا فَسّرَهُ الْخَطّابِيّ، وَمَعْنَاهُ عِنْدِي: قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، لَا بِقَوْلِ الشّيْطَانِ، لِأَنّهُ قَدْ جَعَلَهُمْ جريّاله «٢» ، أى:

وكيلا ورسولا، وإذا كانوا جريّاله، وَقَالُوا: مَا يُرْضِيهِ مِنْ الْغُلُوّ فِي الْمَنْطِقِ، فَقَدْ قَالُوا بِقَوْلِهِ. وَيَسْتجْرِيَنّكم مِنْ قَوْلِهِمْ جَرَيْت جَرْيًا، أَيْ: وَكّلْت وَكَيْلًا.

وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: أَنْتَ أَشْرَفُنَا حَسَبًا وَأَكْرَمُنَا أُمّا وَأَبًا، فقال: كم دون


(١) حديث لا تطرونى رواه الترمذى وغيره، وحديث أنت سيدنا روى النسائى وأبو داود قريبا منه بسند جيد.
(٢) جرى كغنى الوكيل والرسول والأجير والضامن للواحد والجمع والمؤنث.

<<  <  ج: ص:  >  >>