للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذَا كَانَتْ مَعْرِفَةً مَا عُرِفَ نَصْبُهَا، لِأَنّهَا اسْمٌ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَلَمِيّةِ وَالتّأْنِيثِ، فَخَفْضُهَا وَنَصْبُهَا سَوَاءٌ، فَإِذَا نُوّنَتْ لِلضّرُورَةِ، كَمَا فِي بَيْتِ أَبِي سُفْيَانَ أَوْ أَرَدْت غُدْوَةً مِنْ الْغَدَوَاتِ تَبَيّنَ حِينَئِذٍ أَنّهُمْ قَصَدُوا النّصْبَ وَالتّشْبِيهَ بِالْمَفْعُولِ، وَوَجْهٌ آخَرُ مِنْ الْبَيَانِ، وَهُوَ أَنّهُمْ قَدْ رَفَعُوهَا، فَقَالُوا: لَدُنْ غُدْوَةُ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ، كَمَا يُرْفَعُ الِاسْمُ بَعْدَ اسْمِ الْفَاعِلِ إذا كَانَ فَاعِلًا وَيُنْصَبُ إذَا كَانَ مَفْعُولًا إذَا نُوّنَ اسْمُ الْفَاعِلِ، كَذَلِكَ غُدْوَةٌ بَعْد لَدُنْ، لَا يَكُونُ هَذَا فِيهَا إلّا إذَا نُوّنَتْ لَدُنْ، فإن قلت: لدغدوة، لَمْ يَكُنْ إلّا الْخَفْضُ إنْ نَوّنْتهَا، وَإِنْ تَرَكْت صَرْفَهَا لِلتّعْرِيفِ، فَالْفَتْحَةُ عَلَامَةُ خَفْضِهَا، وَلَا تَكُونُ غَدْوَةٌ عَلَمًا إلّا إذَا أَرَدْتهَا لِيَوْمِ بِعَيْنِهِ، وَبُكْرَةٌ مِثْلُهَا فِي الْعَلَمِيّةِ، وَلَيْسَتْ مِثْلَهَا مع لدن وضحوة وَعَشِيّةٍ مَصْرُوفَتَانِ، وَإِنْ أَرَدْتهمَا لِيَوْمِ بِعَيْنِهِ. وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ كَشْفِ أَسْرَارِ هَذَا الْبَابِ فِي «نَتَائِجِ الْفِكْرِ» وَأَوْضَحْنَا هُنَالِكَ بَدَائِعَ وَعَجَائِبَ لَمْ يُبَيّنْهَا أَحَدٌ إلّا أَنّهَا مُنْتَزِعَةٌ مِنْ فَحَوَى كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، وَمِنْ قَوَاعِدِهِ الّتِي أَصْلٌ، وَالْحَمْدُ لله «١» .


(١) يقول أحمد بن يحيى والمبرد: العرب تقول لدن غدوة بالرفع وبالنصب وبالخفض، فمن رفع أراد لدن كانت غدوة، ومن نصب أراد لدن كان الوقت غدوة، ومن خفض أراد من عند غدوة. ويرى البصريون أنها تنصب غدوة خاصة من بين الكلام، واستشهدوا بالبيت السابق، ويجيز الفراء فى عدوة الرفع والنصب والخفض. قال ابن كيسان: من خفض بها أجراها مجرى من وعن، ومن رفع أجراها مجرى مذ، ومن نصب جعلها وقتا، وجعل ما بعدها ترجمة عنها، وإن شئت أضمرت كان كما قال: -

<<  <  ج: ص:  >  >>