للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فُقَهَاءُ الْحِجَازِ، وَلَا الْأَوْزَاعِيّ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا ضَعْفُ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنّ ابْنَ إسْحَاقَ قَالَ: حَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ، يَعْنِي: الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ- فِيمَا ذَكَرُوا- وَلَا خِلَافَ فِي ضَعْفِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَرَوْنَهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ الّذِي قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ غَيْرَ الْحَسَنِ، فَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالْجَهْلُ يُوبِقُهُ.

وَالْوَجْهُ الثّانِي: أَنّهُ حَدِيثٌ لَمْ يَصْحَبْهُ الْعَمَلُ، وَلَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنّهُ صَلّى عَلَى شَهِيدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ مَغَازِيهِ إلّا هَذِهِ الرّوَايَةَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَكَذَلِكَ فِي مُدّةِ الْخَلِيفَتَيْنِ إلّا أَنْ يَكُونَ الشّهِيدُ مُرْتَثّا «١» مِنْ الْمَعْرَكَةِ، وَأَمّا تَرْكُ غَسْلِهِ، فَقَدْ أَجَمَعُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الصّلَاةِ إلّا رِوَايَةً شَاذّةً عِنْدَ بَعْضِ التّابِعِينَ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ- وَاَللهُ أَعْلَمُ- تَحْقِيقُ حَيَاةِ الشّهَدَاءِ وَتَصْدِيقُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً الْآيَةَ مَعَ أَنّ فِي تَرْكِ غُسْلِهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَنّ دَمَهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ «٢» ، وَهُوَ يجىء


(١) ارتث على البناء للمجهول: حمل من المعركة رثيثا أى جريحا وبه رمق.
(٢) عن جابر قال: «كان رسول الله «ص» يجمع بين الرجلين من قتلى أحد فى الثوب الواحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن، فاذا أشير إلى أحدهما قدمه فى اللحد، وأمر يدفنهم فى دمائهم، ولم يغسلوا ولم يصل عليهم» البخارى والنسائى وابن ماجه والترمذى وصححه. وهناك خلاف كبير حول الصلاة عليهم، وقد رد الشافعى على من قال بالصلاة عليهم بأن الأخبار جاءت كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبى «ص» لم يصل على قتلى أحد.. قال وما روى من أنه «ص» صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح، وقد كان ينبغى لمن عارض بذلك هذه الأحاديث أن يستحى على نفسه. ويقول الأمام-

<<  <  ج: ص:  >  >>