للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الِاسْتِفْهَامُ فَلَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي كَمْ خَبَرِيّةً كَانَتْ، أَوْ اسْتِفْهَامِيّةً، فَالتّقْدِيرُ إذًا: لِلّهِ دَرّهُ أَيّ مُذَبّبٍ عَنْ حُرْمَةٍ هُوَ، أَلَا تَرَى أَنّهُ يَقْبُحُ أَنْ يَقُولَ:

جَاءَنِي أَيّ فَتًى، فَإِنْ جَعَلْته وَصْفًا جَارِيًا على ما قبلها، فقلت جاءنى رَجُلٌ أَيّ رَجُلٍ جَازَ ذَلِكَ، لِأَنّهُ إذَا كَانَ وَصْفًا لَمْ تَلِهِ الْعَوَامِلُ اللّفْظِيّةُ، فَكَأَنّهُ لم لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْلِهِ، إذْ الْمُبْتَدَأُ لَا تَلِيهِ الْعَوَامِلُ اللّفْظِيّةُ.

وَقَوْلُهُ: أَخْوَلُ أَخْوَلًا، أَيْ: مُتَفَرّقِينَ، وَوَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي بَعْضِ النّسْخِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ الْخَالِ، وَهُوَ الْخُيَلَاءُ وَالْكِبْرُ، تَقُولُ:

فُلَانٌ أَخْوَلُ مِنْ فُلَانٍ، أَيْ أَشَدّ كِبْرًا مِنْهُ، وَاخْتِيَالًا، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: إذَا جَاءَ الْقَوْمُ أَخْوَلَ أَخْوَلًا، أَيْ انْفَرَدَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ، وَازْدَهَاهُ الْخَالُ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، فَكُلّمَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْهُمْ، قُلْت: هَذَا أَخْوَلُ مِنْ الْآخَرِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، ثُمّ كَثُرَ حَتّى اُسْتُعْمِلَ فِي التّفَرّقِ مَثَلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ مَعْنَى الْخَالِ شَيْءٌ، وَقَدْ قِيلَ فِي أَخْوَلَ: إنّهُ مِنْ تَخَوّلْت بِالْمَوْعِظَةِ، وَنَحْوِهَا إذَا فَعَلْت ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ، مَخَافَةَ السّآمَةِ عَلَيْنَا.

شِعْرُ حَسّانَ الْحَائِيّ:

وَذَكَرَ شِعْرَ حَسّانَ الْحَائِيّ وَقَالَ فِيهِ:

كَالْحَامِلَاتِ الْوِقْرَ بالثّقل ... الْمُلِحّات الدّوَالِحْ

الدّوَالِحُ: جَمْعُ دَالِحَةٍ وَهِيَ الْمُثَقّلَةُ، وَكَذَلِكَ الدّلُوحُ مِنْ السّحَابِ، وَهِيَ الْمُثْقَلَةُ بِالْمَاءِ وفيه:

<<  <  ج: ص:  >  >>