قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ جَمِيعًا أَنّهَا قَالَتْ: قَالَ لِي حِينَ حَضَرَهُ الْقَتْلُ: ابْعَثِي إلَيّ بِحَدِيدَةٍ أَتَطَهّرُ بِهَا لِلْقَتْلِ، قَالَتْ: فَأَعْطَيْتُ غُلَامًا مِنْ الْحَيّ الْمُوسَى، فَقُلْت: اُدْخُلْ بِهَا عَلَى هَذَا الرّجُلِ الْبَيْتَ؛ قَالَتْ: فَوَاَللهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ وَلّى الْغُلَامُ بِهَا إلَيْهِ، فَقُلْت: مَاذَا صَنَعْتُ! أَصَابَ وَاَللهِ الرّجُلُ ثَأْرَهُ بِقَتْلِ هَذَا الْغُلَامِ، فَيَكُونُ رَجُلًا برجل، فلما ناوله الحديدة أخذها من يده ثم قَالَ: لَعَمْرَك، مَا خَافَتْ أُمّك غَدْرِي حِينَ بَعَثَتْك بِهَذِهِ الْحَدِيدَةِ إلَيّ! ثُمّ خَلّى سَبِيلَهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: إنّ الْغُلَامَ ابْنُهَا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ عَاصِمٌ: ثُمّ خَرَجُوا بخبيب، حتى إذا جاؤا بِهِ إلَى التّنْعِيمِ لِيَصْلُبُوهُ، قَالَ لَهُمْ: إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَدَعُونِي حَتّى أَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَافْعَلُوا؛ قَالُوا: دُونَك فَارْكَعْ. فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ أَتَمّهُمَا وَأَحْسَنَهُمَا، ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: أَمَا وَاَللهِ لَوْلَا أَنْ تَظُنّوا أَنّي إنّمَا طَوّلْت جَزَعًا مِنْ الْقَتْلِ لَاسْتَكْثَرْت مِنْ الصّلَاةِ. قَالَ: فَكَانَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيّ أَوّلَ مَنْ سَنّ هَاتَيْنِ الرّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ لِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ: ثُمّ رَفَعُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَلَمّا أَوْثَقُوهُ، قَالَ: اللهُمّ إنّا قَدْ بَلّغْنَا رِسَالَةَ رَسُولِك، فَبَلّغْهُ الْغَدَاةَ مَا يُصْنَعُ بِنَا؛ ثُمّ قَالَ: اللهُمّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا.
ثُمّ قَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللهُ.
فَكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: حَضَرْتُهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ حَضَرَهُ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُلْقِينِي إلَى الْأَرْضِ فَرْقًا مِنْ دَعْوَةِ خُبَيْبٍ، وَكَانُوا
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute