للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَلَيْهِ رَوْنَقُ الْإِعْجَازِ، فَيُقَالُ: إنّهُ لَمْ يَنْزِلْ بِهَذَا النّظْمِ، وَلَكِنْ بِنَظْمِ مُعْجِزٍ كَنَظْمِ الْقُرْآنِ.

فَإِنْ قِيلَ: إنّهُ خَبَرٌ وَالْخَبَرُ لَا يَدْخُلُهُ النّسْخُ، قُلْنَا: لَمْ يُنْسَخْ مِنْهُ الْخَبَرُ، وَإِنّمَا نُسِخَ مِنْهُ الْحُكْمُ، فَإِنّ حُكْمَ الْقُرْآنِ أَنْ يُتْلَى فِي الصّلَاةِ، وَأَنْ لَا يَمَسّهُ إلّا طَاهِرٌ «١» ، وَأَنْ يَكْتُبَ بَيْنَ اللّوْحَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ تَعَلّمُهُ مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ، فَكُلّ مَا نُسِخَ، وَرُفِعَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ، وَإِنْ بَقِيَ مَحْفُوظًا، فَإِنّهُ مَنْسُوخٌ، فَإِنْ تَضَمّنَ حُكْمًا جَازَ أَنْ يَبْقَى ذَلِكَ الْحُكْمُ مَعْمُولًا بِهِ، وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ، وَإِنْ تَضَمّنَ خَبَرًا بَقِيَ ذَلِكَ الْخَبَرُ مُصَدّقًا بِهِ، وَأَحْكَامُ التّلَاوَةِ مَنْسُوخَةٌ عَنْهُ، كَمَا قَدْ نَزَلَ: لَوْ أَنّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى لَهُمَا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَاب.

وَيُرْوَى: لَا يَمْلَأُ عَيْنَيْ ابْنِ آدَمَ، وَفَمَ ابْنِ آدَم، كُلّ ذَلِكَ فِي الصّحِيحِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ: وَادِيًا مِنْ مَالٍ أَيْضًا، فَهَذَا خَبَرٌ حَقّ، وَالْخَبَرُ لَا يُنْسَخُ، وَلَكِنْ نُسِخَ مِنْهُ أَحْكَامُ التّلَاوَةِ لَهُ، وَكَانَتْ هذه الآية أعنى قوله: لو أنّ


(١) يشير إلى قوله سبحانه: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) الواقعة: ٧٧- ٧٩ والضمير فى لا يمسه يعود إلى الكتاب الذى فى السماء كما قال ابن عباس. والمطهرون هم الملائكة. وقال ابن زيد: زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون كما قال تعالى: (وما تنزلت به الشياطين) وقال الفراه: لا يحد طعمه ونفعه إلا من آمن به.

<<  <  ج: ص:  >  >>