للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَعْنَى الرّبِيئَةِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ الْأَنْصَارِيّ وَالْمُهَاجِرِيّ، وَهُمَا عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَأَنّ رَجُلًا مِنْ الْعَدُوّ رَمَى الْأَنْصَارِيّ بِسَهْمِ، وَهُوَ يُصَلّي لَمّا عَلِمَ أَنّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمِ. الرّبِيئَةُ هُوَ الطّلِيعَةُ، يُقَالُ: رَبَأَ عَلَى الْقَوْمِ يَرْبَأُ فَهُوَ رَبّاءٌ وَرَبِيئَةٌ قَالَ الشّاعِرُ [الْهُذَلِيّ] :

ربّاء شمّة لَا يَأْوِي لِقُلّتِهَا ... إلّا السّحَابُ وَإِلّا الْأَوْبُ وَالسّبَلُ

«١» فَرَبّاءُ: فَعّالُ مِنْ رَبَا إذَا نَظَرَ مِنْ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، وَشَمّاءُ، يُرِيدُ هَضْبَةً شَمّاءَ، وَإِنّمَا قَالُوا: رَبِيئَةٌ بِهَاءِ التّأْنِيثِ، وَطَلِيعَةٌ؛ لِأَنّهُمَا فِي مَعْنَى الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ مُؤَنّثَةٌ، تَقُولُ: ثَلَاثُ أَعْيُنٍ، وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا، يَعْنِي الطّلَائِعَ، لِأَنّ الطّلِيعَةَ وَالرّبِيئَةَ إنّمَا يُرَادُ مِنْهُ عَيْنُهُ النّاظِرَةُ، كَمَا تَقُولُ فِي ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ: أَعْتَقْت ثَلَاثَ رِقَابٍ، فَتُؤَنّثُ، لِأَنّ الرّقَبَةَ تَرْجَمَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ، كَمَا أَنّ الْعَيْنَ الّذِي هُوَ الطّلِيعَةُ كَذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي رَبِيئَةٍ وَطَلِيعَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا هِيَ فِي عَلّامَةٍ وَنَسّابَةٍ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوّلِ تَقُولُ: ثَلَاثَ طَلَائِعَ، وَثَلَاثَ رَبَايَا فِي جَمْعِ رَبِيئَةٍ، كَمَا تَقُولُ: ثَلَاثَ أَعْيُنٍ، لِأَنّهُ بَابٌ وَاحِدٌ مِنْ التّأْنِيثِ، وَإِذَا كَانَتْ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ قُلْت: ثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً، لِأَنّك تَقْصِدُ التّذْكِيرَ، لِأَنّ هَاءَ الْمُبَالَغَةِ لَا تُوجِبُ تَأْنِيثَ الْمُسَمّى، وَلِأَنّهَا فِي الصّفَةِ، وَالصّفَةُ بَعْدَ الْمَوْصُوفِ؛ وَلِذَلِكَ تَقُولُ: هَذَا عَلّامَةٌ، وَلَا تَقُولُ: هذه علّامة بخلاف الرّقبة والعين،


(١) سبق الكلام عن البيت فى الجزء لأول وفى المستدركات فى الجزء الثانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>