فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْخَنْدَقِ، فَغَلُظَتْ عَلَيّ صَخْرَةٌ، وَرَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرِيبٌ مِنّي؛ فَلَمّا رَآنِي أَضْرِبُ وَرَأَى شِدّةَ الْمَكَانِ علىّ، نزل فأخذ المعول من مِنْ يَدِي، فَضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً لَمَعَتْ تَحْتَ الْمِعْوَلِ بُرْقَةٌ، قَالَ: ثُمّ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَلَمَعَتْ تَحْتَهُ بُرْقَةٌ أُخْرَى؛ قَالَ: ثُمّ ضَرَبَ بِهِ الثّالِثَةَ، فَلَمَعَتْ تَحْتَهُ بُرْقَةٌ أُخْرَى. قَالَ: قُلْت: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللهِ! مَا هَذَا الّذِي رَأَيْت لَمَعَ تَحْتَ الْمِعْوَلِ وَأَنْتَ تَضْرِبُ؟ قَالَ: أَوَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ؟ قَالَ:
قُلْت: نَعَمْ؛ قَالَ: أَمّا الأول فَإِنّ اللهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الْيَمَنَ؛ وَأَمّا الثّانِيَةُ فَإِنّ اللهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الشّامَ وَالْمَغْرِبَ، وَأَمّا الثّالِثَةُ فَإِنّ اللهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الْمَشْرِقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ، حِينَ فُتِحَتْ هَذِهِ الْأَمْصَارُ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَزَمَانِ عُثْمَانَ وَمَا بَعْدَهُ: افْتَتِحُوا مَا بدا لكم، فو الذى نفس أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، مَا افْتَتَحْتُمْ مِنْ مَدِينَةٍ وَلَا تَفْتَتِحُونَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلّا وَقَدْ أَعْطَى اللهُ سُبْحَانَهُ مُحَمّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مفاتيحها قبل ذلك.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ، أَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ حَتّى نَزَلَتْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَةَ، بين الجرف وزغابة فى عشرة آلاف من أحابيشهم، ومن تبعهم من بَنِي كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَأَقْبَلَتْ غَطَفَانُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، حَتّى نَزَلُوا بِذَنَبِ نَقْمَى، إلَى جَانِبِ أُحُدٍ. وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُسْلِمُونَ، حَتّى جَعَلُوا
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute