(١) يقول الحافظ فى الفتح تعليقا على هذا، وهو أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق: ليس بواضح، وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيستفاد منه عدم تأثيمه.، هذا ومن المشهور الذى عليه الجمهور أن المصيب فى القطعيات واحد. وخالف هذا الجاحظ والعنبرى. وما لا قطع فيه فالجمهور يرى أيضا أنه واحد. ويقول الأشعرى: كل مجتهد مصيب، وأن حكم الله تابع لظن المجتهد ويرى بعض الحنفية والشافعية أن من لم يصب ما فى نفس الأمر فهو مخطىء. وأقول: الحق واحد لا يتعدد، والله لا يجعل الشىء مباحا ومحظورا من جهة واحدة: وإذا كان الأمر كذلك؛ فان من اجتهد- كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم- وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد استحقه باجتهاده. ويقال لمن أصاب الحق محق. ولمن لم يصبه: غير محق فى رأيه، لكن قد يكون الشىء واجبا فعله ومحظورا فعله لا من جهة واحدة، وإنما من جهات متعددة، أو من جهتين مختلفتين، كالصوم فى بعض أحواله المعروفة. هذا وقد وقع فى جميع نسخ البخارى أن الصلاة هى العصر، واتفق على هذا جميع أهل المغازى، ولكن وقع فى جميع نسخ مسلم أنها الظهر مع اتفاق البخارى ومسلم على روايته عن شيخ واحد باسناد واحد. ووافق مسلما ابن سعد وابن حبان كلاهما من طريق مالك بن اسماعيل. وانظر التوفيق بين هذا فى شرح المواهب اللدنية ص ١٣٠ ح ٢ وفى فتح البارى فى الغزوة. ومن بين التوفيق أن البخارى كتبه من حفظه، ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه فى تجويز ذلك بخلاف مسلم فانه يحافظ كثيرا على اللفظ.