للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ: إنّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَلَيْسَتْ عَسَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِخَبَرِ، وَلَا تَقْتَضِي وُجُوبًا، فَكَيْفَ تَكُونُ عَسَى وَاجِبَةً فِي الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ بِخَارِجِ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؟

وَأَيْضًا: فَإِنّ لَعَلّ تُعْطِي مَعْنَى التّرَجّي، وَلَيْسَتْ مِنْ اللهِ وَاجِبَةً، فَقَدْ قَالَ:

(لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) فَلَمْ يَشْكُرُوا، وَقَالَ (لَعَلّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَى) فَلَمْ يَتَذَكّرْ وَلَمْ يَخْشَ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ لَعَلّ وَعَسَى حَتّى صَارَتْ عَسَى وَاجِبَةً؟

قُلْنَا: لَعَلّ تُعْطِي التّرَجّيَ، وَذَلِكَ التّرَجّي مَصْرُوفٌ إلَى الْخَلْقِ، وَعَسَى مِثْلُهَا فِي التّرَجّي، وَتَزِيدُ عَلَيْهَا بِالْمُقَارَبَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الْإِسْرَاءَ: ٧٩ وَمَعْنَاهُ التّرَجّي مَعَ الْخَبَرِ بِالْقُرْبِ، كَأَنّهُ قَالَ قَرُبَ أَنْ يَبْعَثَك، فَالتّرَجّي مَصْرُوفٌ إلَى الْعَبْدِ، كَمَا فِي لَعَلّ، وَالْخَبَرُ عَنْ الْقُرْبِ وَالْمُقَارَبَةِ مَصْرُوفٌ إلَى اللهِ تَعَالَى، وَخَبَرُهُ حَقّ وَوَعْدُهُ حَتْمٌ، فَمَا تَضَمّنَتْهُ مِنْ الْخَبَرِ فَهُوَ الْوَاجِبُ دُونَ التّرَجّي الّذِي هُوَ مُحَالٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَمَصْرُوفٌ إلَى الْعَبْدِ، وَلَيْسَ فِي لَعَلّ مِنْ تَضَمّنِ الْخَبَرِ مِثْلُ مَا فِي عَسَى، فَمِنْ ثَمّ كَانَتْ عَسَى وَاجِبَةً إذَا تَكَلّمَ اللهُ بِهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَعَلّ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ فِي لَيْتَ مَا كَانَ فِي لَعَلّ مِنْ وُرُودِهَا فِي كَلَامِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ، عَلَى أَنْ يَكُونَ التّمَنّي مَصْرُوفًا إلَى الْعَبْدِ، كَمَا كَانَ التّرَجّي فِي لَعَلّ كَذَلِكَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>