للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِأَنّهُ فِي صِفَةِ هَوْلِ الْقِيَامَةِ، وَالْأَمْرُ فِيهِ أَشَدّ مِمّا تَقَدّمَ، لَا سِيمَا وَقَدْ قَالَ فِي أُخْرَى:

لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ إبْرَاهِيمَ: ٤٣، أَيْ قَدْ فَارَقَ الْقَلْبُ الْفُؤَادَ، وَبَقِيَ فَارِغًا هَوَاءً، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْقَلْبَ غَيْرُ الْفُؤَادِ، كَأَنّ الْفُؤَادَ هُوَ غِلَافُ الْقَلْبِ، وَيُؤَيّدُهُ قَوْلُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ الْيَمَنِ:

أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقّ أَفْئِدَةً «١» مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ الزمر: ٢٢ ولم يقل للقاسية أفئلتهم، والقسوة ضد اللين، فتأمله.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ يَعْلَمُ «٢» اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ الْأَحْزَابَ: ١٨ أَيْ الْمُخَذّلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ: فَيُعَوّقُونَهُمْ بِالتّخْذِيلِ عَنْ الطّاعَةِ، لِقَوْلِهِمْ: هَلُمّ إلَيْنَا. تَقُولُ: عَاقَنِي الْأَمْرُ عَنْ كَذَا، وَعَوّقَنِي فُلَانٌ عَنْ كَذَا، أَيْ صَرَفَنِي عَنْهُ.

وَذَكَرَ الصّيَاصِيَ وَأَنّهَا الْحُصُونُ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ سُحَيْمٍ يَصِفُ سَيْلًا:

وَأَصْبَحَتْ الثّيرَانُ صَرْعَى، وَأَصْبَحَتْ ... نِسَاءُ تَمِيمٍ يَبْتَدِرْنَ الصّيَاصِيَا

وَأَلْفَيْت فِي حَاشِيَةِ الشّيْخِ أَبِي بَحْرٍ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ: الصّيَاصِي:

قرون الثيران المذكورة فيه، لا ماتوهم ابْنُ هِشَامٍ أَنّهَا الْحُصُونُ وَالْآطَامُ، يَقُولُ: لَمّا أهلك هذا السيل النيران وغرّفها أصبحت نساء تمم يَبْتَدِرْنَ أَخْذَ قُرُونِهَا، لِيَنْسِجْنَ بِهَا الْبُجُدَ، وَهِيَ الْأَكْسِيَةُ، قَالَ هَذَا يَعْقُوبُ عَنْ الْأَصْمَعِيّ. وَيُصَحّحُ هَذَا أَنّهُ لَا حُصُونَ فِي بَادِيَةِ الْأَعْرَابِ قال المؤلف: ويصحح


(١) جاء فى حديث متفق عليه: «هم أرق أفئدة وألين قلوبا» .
(٢) دخلت قد هنا لتوكيد العلم، ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد، ولأن الله لا تخفى عليه خافية فى الأرض، ولا فى السماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>