للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي تِلْكَ الْأَيّامِ، قَالَتْ: فَلَمّا أَنْ اسْتَعْجَمَا عَلَيّ، اسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ، ثُمّ قُلْت:

وَاَللهِ لَا أَتُوبُ إلَى اللهِ مِمّا ذَكَرْت أَبَدًا. وَاَللهِ إنّي لَأَعْلَمُ لَئِنْ أَقْرَرْتُ بِمَا يَقُولُ النّاسُ، وَاَللهُ يَعْلَمُ أَنّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَأَقُولَن مَا لَمْ يَكُنْ، وَلَئِنْ أَنَا أَنْكَرْت مَا يَقُولُونَ لَا تُصَدّقُونَنِي. قَالَتْ: ثُمّ الْتَمَسْت اسْمَ يَعْقُوبَ فَمَا أَذْكُرُهُ، فَقُلْت:

وَلَكِنْ سَأَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ. قَالَتْ: فَوَاَللهِ مَا بَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَجْلِسَهُ حَتّى تَغَشّاهُ مِنْ اللهِ مَا كَانَ يَتَغَشّاهُ، فَسُجّيَ بِثَوْبِهِ وَوُضِعَتْ لَهُ وِسَادَةُ مِنْ أَدَمٍ تَحْت رَأْسِهِ، فَأَمّا أَنَا حِينَ رَأَيْت مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْت، فَوَاَللهِ مَا فَزِعْت وَلَا بَالَيْتُ، قَدْ عَرَفْت أَنّي بَرِيئَةٌ، وَأَنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ غَيْرُ ظَالِمِي، وَأَمّا أَبَوَايَ، فَوَاَلّذِي نَفْسُ عَائِشَةَ بِيَدِهِ، مَا سُرّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى ظَنَنْتُ لَتَخْرُجَن أَنَفْسُهُمَا، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ اللهِ تَحْقِيقُ مَا قَالَ النّاسُ، قَالَتْ: ثُمّ سُرّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجلس، وإنه ليتحذّر مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ، وَيَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنَزَلَ اللهُ بَرَاءَتَك، قَالَتْ: قُلْت: بِحَمْدِ اللهِ، ثُمّ خَرَجَ إلَى النّاسِ، فَخَطَبَهُمْ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ مَا أَنَزَلَ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ، ثُمّ أَمَرَ بِمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَحَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وكانو ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدّهم.

قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يَسَارٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي النّجّارِ: أَنّ أَبَا أَيّوبٍ خَالِدَ بْنَ زَيْدٍ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أُمّ أَيّوبَ: يَا أَبَا أَيّوبَ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>