للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيّ: مَتَنَ النّاسَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، وَيُرْوَى مَشَى، فَأَمّا مَتَنَ، فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: يُقَالُ: سَارُوا سَيْرًا مُمَاتِنًا، أَيْ: بَعِيدًا.

حَوْلَ حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ «مُلّاحَةٌ وَمَلِيحٌ» :

فَصْلٌ: وَذَكَرَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَوُقُوعَهَا فِي السّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، أَوْ لِابْنِ عَمّ لَهُ، ثُمّ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ فِي كِتَابَتِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلّاحَةً. الْمُلّاحُ أَبْلَغُ مِنْ الْمَلِيحِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ الْوَضّاءُ أَبْلَغُ مِنْ الْوَضِيءِ، وَالْكُبّارُ كَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ الْكَبِيرِ، غَيْرَ أَنّهُ لَا يُوصَفُ الْبَارِي سُبْحَانَهُ بِهَذَا اللّفْظِ، فَيُقَالُ فِيهِ كُبّارٌ بِمَعْنَى كَبِيرٍ، لِأَنّهُ عَلَى بِنْيَةِ الْجَمْعِ، نَحْوَ ضُرّابٍ وَشُهّادٍ، فَكَانَ لَفْظُ الْكَبِيرِ وَنَحْوُهُ أَبْعَدَ مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَأَدَلّ عَلَى الْوَحْدَانِيّةِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ.

وَأَمّا مَعْنَى: الْمُلّاحَةِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنّهَا مِنْ الْمُلْحَةِ وَهِيَ الْبَيَاضُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: عِنَبٌ مُلّاحِيّ «١» وَالصّحِيحُ فِي مَعْنَى الْمَلِيحِ، أَنّهُ مُسْتَعَارٌ مِنْ قَوْلِهِمْ:

طَعَامٌ مَلِيحٌ إذَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْمِلْحِ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ، وَلِذَلِكَ إذَا بَالَغُوا فِي الْمَدْحِ قَالُوا: مَلِيحٌ قَزِيحٌ، فَمَلِيحٌ مِنْ مَلَحْت الْقِدْرَ، وَقَزِيحٌ مِنْ قَزَحْتهَا إذَا طَيّبْت نَكْهَتَهَا بِالْأَفَاوِيَةِ، وَهِيَ الأقزاح، ويدلك عَلَى بُعْدِ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ الْبَيَاضِ قَوْلُهُمْ: فِي الْأَسْوَدِ: مَلِيحٌ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ إذَا اشْتَدّ سَوَادُهُمَا وَحُسْنُهُمَا كَمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي طَه: ٢٩. أَنّهَا


(١) وقد تشدد اللام.

<<  <  ج: ص:  >  >>