للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بِحَظّهِمْ مِنْ الدّنْيَا، وَضَيّعَ أَهْلُ الدّنْيَا حَظّهُمْ مِنْ الْآخِرَةِ، فَاخْتَلَفُوا فِي سَعْيِ الدّنْيَا، وَاسْتَوَوْا فِي عَدْلِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ صَغّرَ هَذَا الْأَمْرَ عِنْدَك أَنّا أَتَيْنَاك بِهِ، وَقَدْ وَاَللهِ جَاءَك مِنْ حَيْثُ خِفْت، وَمَا تَصْغِيرُك إيّاهُ بِاَلّذِي يَدْفَعُهُ عَنْك، وَلَا تَكْذِيبُك بِهِ بِاَلّذِي يُخْرِجُك مِنْهُ، وَفِي وَقْعَةِ ذِي قَارٍ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ، فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَمَزّقَهُ، ثُمّ قَالَ: لِي ملك هنىء لا أخثى أَنْ أُغْلَبَ عَلَيْهِ، وَلَا أُشَارَكَ فِيهِ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَلَسْتُمْ بِخَيْرِ مِنْهُمْ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْلِكَكُمْ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَمّا هَذَا الْمُلْكُ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنّهُ يَصِيرُ إلَى الْكِلَابِ، وَأَنْتُمْ أُولَئِكَ تَشْبَعُ بُطُونُكُمْ، وَتَأْبَى عُيُونُكُمْ، فَأَمّا وَقْعَةُ ذِي قَارٍ، فَهِيَ بِوَقْعَةِ الشّامِ. فَانْصَرَفَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ. وَإِنّمَا خَصّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بِإِرْسَالِهِ إلَى كِسْرَى، لِأَنّهُ كَانَ يَتَرَدّدُ عَلَيْهِمْ كَثِيرًا وَيَخْتَلِفُ إلَى بِلَادِهِمْ، وَكَذَلِك سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو كَانَ يَخْتَلِفُ إلَى الْيَمَامَةِ، قَالَ وَثِيمَةُ: لَمّا قَدِمَ سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيّ عَلَى هَوْذَةَ، وَكَانَ كِسْرَى قَدْ تَوَجّهَ، قَالَ: يَا هَوْذَةُ إنّك سَوّدَتْك «١» أَعْظُمٌ حَائِلَةٌ، وَأَرْوَاحٌ فِي النّارِ، وَإِنّمَا السّيّدُ مَنْ مُنّعَ بِالْإِيمَانِ ثُمّ زُوّدَ التّقْوَى، وَإِنّ قَوْمًا سَعِدُوا بِرَأْيِك فَلَا تَشْقَ بِهِ، وَإِنّي آمِرُك بِخَيْرِ مَأْمُورٍ بِهِ، وَأَنْهَاك عَنْ شَرّ مَنْهِيّ عَنْهُ، آمُرُك بِعِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْهَاك عَنْ عِبَادَةِ الشّيْطَانِ، فَإِنّ فِي عِبَادَةِ اللهِ الْجَنّةَ وَفِي عِبَادَةِ الشيطان النار، فإن قبلت نلت مارجوت، وَأَمِنْت مَا خِفْت، وَإِنْ أَبَيْت فَبَيْنَنَا وَبَيْنَك كَشْفُ الْغِطَاءِ، وَهَوْلُ الْمَطْلَعِ «٢» ، فَقَالَ هَوْذَةُ: يَا سَلِيطُ سَوّدَنِي مَنْ لَوْ سَوّدَك شَرُفْت بِهِ، وقد


(١) فى الأصل: إنه سودت: والتصويب من المواهب ص ٣٥٥ ح ٣.
(٢) فى الأصل: وهو المطلع، والتصويب من المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>