للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْغَمْغَمَةُ: أَصْوَاتٌ غَيْرُ مَفْهُومَةٍ مِنْ اخْتِلَاطِهَا.

طَرَفٌ مِنْ أَحْكَامِ أَرْضِ مَكّةَ:

وَنَذْكُرُ هَاهُنَا طَرَفًا مِنْ أَحْكَامِ أَرْضِ مَكّةَ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ: هَلْ افْتَتَحَهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، لِيَبْتَنِيَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمُ: هَلْ أَرْضُهَا مِلْكٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَأْمُرُ بِنَزْعِ أَبْوَابِ دُورِ مَكّةَ إذَا قَدِمَ الْحَاجّ، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عَامِلِهِ بِمَكّةَ أَنْ يُنْهِيَ أَهْلَهَا عَنْ كِرَاءِ دُورِهَا إذَا جَاءَ الْحَاجّ فَإِنّ ذَلِكَ لَا يَحِلّ لَهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ- رَحِمَهُ اللهُ- إنْ كَانَ النّاسُ لَيَضْرِبُونَ فَسَاطِيطَهُمْ بِدُورِ مَكّةَ لَا يَنْهَاهُمْ أَحَدٌ، وَرُوِيَ أَنّ دُورَ مَكّةَ كَانَتْ تُدْعَى السّوَائِبُ «١» ، وَهَذَا كُلّهُ مُنْتَزَعٌ مِنْ أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا:

قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ الْحَجّ: ٢٥ وقال ابن عمرو ابْنُ عَبّاسٍ: الْحَرَمُ كُلّهُ مَسْجِدٌ.

وَالْأَصْلُ الثّانِي: أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا عَنْوَةً غَيْرَ أَنّهُ مَنّ عَلَى أَهْلِهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مِنْ الْبِلَادِ، كَمَا ظَنّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَإِنّهَا مُخَالِفَةٌ لِغَيْرِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مَا خَصّ اللهُ بِهِ نَبِيّهُ، فَإِنّهُ قَالَ:

قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الأنفال: ١ والثانى: ما خَصّ اللهُ تَعَالَى بِهِ مَكّةَ فَإِنّهُ جَاءَ: لَا تَحِلّ غَنَائِمُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، وَهِيَ حرم الله تعالى وأمنه،


(١) روى الإمام أحمد عن علقمة بن نضلة قال: «كانت رباع مكة تدعى السوائب عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأبى بكر وعمر، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>