للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هِلَالٌ، وَقَدْ قِيلَ: هِلَالٌ كَانَ أَخَاهُ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُمَا الْخَطَلَانِ، وَهُمَا مِنْ بَنِي تَيْمِ ابن غَالِبِ «١» بْنِ فِهْرٍ، وَأَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَفِي هَذَا أَنّ الْكَعْبَةَ لَا تُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا تَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ حَدّ وَاجِبٍ «٢» ، وَأَنّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً إنّمَا مَعْنَاهُ الْخَبَرُ عَنْ تَعْظِيمِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ فِي الْجَاهِلِيّةِ نِعْمَةً مِنْهُ عَلَى أَهْلِ مَكّةَ، كما قال تعالى:


(١) هو من قريش الظواهر. وذكر ابن دريد أن ابن خطل كان اسمه هلال، وأن أخاه كان عبد الله. وفى المقريزى أنه هلال. أنظر ص ١٠٦، ٤٧٩ الاشتقاق، ص ٣٧٨ إمتاع الأسماع.
(٢) فى المسألة خلاف طويل. ولقد كان العربى فى الجاهلية يرى قاتل أبيه أو ابنه فى الحرم فلا يهيجه. وروى الإمام أحمد عن عمر أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه، وذكر عن عبد الله بن عمر أنه قال: لو وجدت فيه قاتل عمر ما بدهته. وروى مثله عن ابن عباس، وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم، بل لا يحفظ عن تابعى ولا صحابى خلافه. وإليه ذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق، والإمام أحمد ومن وافقه من أهل الحديث: أما مالك والشافعى فيريان أنه يستوفى منه فى الحرم، كما يستوفى منه فى الحل، وهو اختيار ابن المنذر. وقد وفى ابن القيم هذه المسألة بحثا، وذكر بالتفصيل أدلة الفريقين فى زاد المعاد ص ٤٢٠ وما بعدها ج ٢. وأقوى دليل لمن قال باستيفاء الحد منه فى الحرم قوله سبحانه (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) البقرة: ١٩١ وقد روى الإمام أحمد عن ابن عباس قوله: «من سرق أو قتل فى الحل، ثم دخل الحرم، فإنه لا يجالس، ولا يكلم، ولا يؤوى حتى يخرج، فيؤخذ، فيقام عليه الحد، وإن سرق أو قتل فى الحرم أقيم عليه الحد» ففرق بهذا بين اللاجئ إلى الحرم، وبين الجانى فيه. وهذا رأى بينه وبين هدى القرآن نسب متين.

<<  <  ج: ص:  >  >>