للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَعْدَ مُقَامِي هَذَا، فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النّظَرَيْنِ، إنْ شاؤا فدم قاتله، وإن شاؤا فَعَقْلُه، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِيهِ أَلْفَاظُ الرّوَاةِ وَظَاهِرُهُ عَلَى هَذِهِ الرّوَايَةِ أَنّ وَلِيّ الدّمِ، هُوَ الْمُخَيّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدّيَةَ، وَهُوَ الْعَقْلُ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَصْلٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنْ يَخْتَارَ وَلِيّ الْمَقْتُولِ أَخْذَ الدّيَةِ، وَيَأْبَى الْقَاتِلُ إلّا أَنْ يُقْتَصّ مِنْهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا اخْتِيَارَ لِلْقَاتِلِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِ، وَتَأَوّلُوا الْحَدِيثَ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ بِهَا طَائِفَةٌ، مِنْ السّلَفِ، وَقَالَ آخَرُونَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعِيّ، وَأَشْهَبَ، وَمَنْشَأُ الِاخْتِلَافِ مِنْ الِاحْتِمَالِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ فَاحْتَمَلَتْ الْآيَةُ عِنْدَ قَوْمٍ أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاقِعَةً عَلَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ، وَمِنْ أَخِيهِ أَيْ مِنْ وَلِيّهِ الْمَقْتُولِ، أَيْ: مِنْ دِيَتِهِ، وَعُفِيَ لَهُ أَيْ: يُسّرَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاقِعَةً عَلَى الْقَاتِلِ وَعُفِيَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الدّمِ، وَلَا خِلَافَ أَنّ الْمُتّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ، هُوَ وَلِيّ الدّمِ، وَأَنّ الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ بِإِحْسَانِ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِذَا تَدَبّرْت الآية، عرفت منشأ الخلاف منها، وَلَاحَ مِنْ سِيَاقَةِ الْكَلَامِ أَيّ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِالصّوَابِ.

وَأَمّا مَا ذَكَرْت مِنْ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النقلة فى الحديث، فيحصرها سبعة ألفاظ


- فإن أراد رابعة، فخذوا على يديه» أى أراد زيادة على القصاص أو الدية أو العفو. وقد فسر ابن عباس. (فمن عفى له) . الآية: العفو أن يقبل فى العمد الدية، والاتباع بالمعروف: يتبع الطالب بمعروف، ويؤدى إليه المطلوب بإحسان البخارى والنسائى والدارقطنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>