. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَطَاطِيفُ حُجْنٍ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تُمَدّ بِهَا أَيْدٍ إلَيْك نَوَازِعُ
فَالْقَسِيمُ الْأَوّلُ كَالْبَيْتِ الْأَوّلِ من قول النابغة، وَالْقَسِيمُ الثّانِي كَالْبَيْتِ الثّانِي، لَكِنّهُ أَطْبَعُ مِنْهُ، وَأَوْجَزُ. وَقَوْلُ النّابِغَةِ كَاللّيْلِ فِيهِ مِنْ حُسْنِ التّشْبِيهِ مَا لَيْسَ فِي قَوْلِ الدّيلِيّ، إلّا أَنّهُ يَسْمُجُ مِثْلُ هَذَا التّشْبِيهِ فِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنّهُ نُورٌ وَهُدًى، فَلَا يُشَبّهُ بِاللّيْلِ، وَإِنّمَا حَسُنَ فِي قَوْلِ النّابِغَةِ أَنْ يَقُولَ كَاللّيْلِ، وَلَمْ يَقُلْ كَالصّبْحِ، لِأَنّ اللّيْلَ تُرْهَبُ غَوَائِلُهُ، وَيُحْذَرُ مِنْ إدْرَاكِهِ مَا لَا يَحْذَرُ مِنْ النّهَارِ، وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُ الأندلسيين هَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ فِي هَرَبِهِ مِنْ ابْنِ عَبّادٍ:
كَأَنّ بِلَادَ اللهِ وَهِيَ عَرِيضَةٌ ... تَشُدّ بِأَقْصَاهَا عَلَيّ الْأَنَامِلَا
فَأَيْنَ مَفَرّ الْمَرْءِ عَنْك بِنَفْسِهِ ... إذَا كَانَ يَطْوِي فِي يَدَيْك الْمَرَاحِلَا
وَهَذَا كُلّهُ مَعْنًى مُنْتَزَعٌ مِنْ الْقُدَمَاءِ. رَوَى الطّبَرِيّ أَنّ «منوشهر بْنَ إيرج بْنِ أفريدون بْنِ أَثَفَيَانِ» وَهُوَ الّذِي بُعِثَ مُوسَى عَلَيْهِ السّلَامُ فِي زَمَانِهِ أَعْنِي زَمَانَ منوشهر قَالَ حِينَ عَقَدَ التّاجَ عَلَى رَأْسِهِ فِي خُطْبَةٍ لَهُ طَوِيلَةٍ:
«أَيّهَا النّاسُ إنّ الْخَلْقَ لِلْخَالِقِ، وَإِنّ الشّكْرَ لِلْمُنْعِمِ، وَإِنّ التّسْلِيمَ لِلْقَادِرِ، وَإِنّهُ لَا أَضْعَفَ مِنْ مَخْلُوقٍ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا، وَلَا أَقْوَى مِنْ طَالِبٍ طِلْبَتُهُ فِي يَدِهِ، وَلَا أَعْجَزَ مِنْ مَطْلُوبٍ هُوَ فِي يَدِ طَالِبِهِ.
حَوْلَ شِعْرِ بُجَيْرِ بْنِ زُهَيْرٍ:
وَأَنْشَدَ لِبُجَيْرِ بْنِ زُهَيْرٍ:
نَفَى أَهْلَ الْحَبَلّقِ كُلّ فَجّ ... مُزَيْنَةُ غُدْوَةً وبنو خفاف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute