للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَعْنِي فِي الصّفّ فِي الصّلَاةِ، هَكَذَا قَالَ الْبَرْقِيّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ، وَاَلّذِي أَرَادَ الشّاعِرُ: إنّمَا هُوَ رَجُلٌ، فَلَعَلّهُ كَانَ يُسَمّى بحذف، ولحذف هِيَ الْغَنَمُ السّودُ الّتِي ذَكَرْنَا.

وَقَوْلُهُ:

كُلّ شِوَاءِ الْعِيرِ جُوفَانُ «١»

يُقَالُ: إنّهُ شُوِيَ لَهُ غُرْمُولُ حِمَارٍ، فَأَكَلَهُ فِي الشّوَاءِ فَوَجَدَهُ أَجْوَفَ، وَقِيلَ لَهُ: إنّهُ الْقُنْبُ، أَيْ: وِعَاءُ الْقَضِيبِ، فَقَالَ: كُلّ شِوَاءِ الْعِيرِ جُوفَانُ، فَضُرِبَ هَذَا الْكَلَامُ مَثَلًا، وَقِيلَ: كَانَ فَزَارِيّ وَتَغْلِبِيّ وَكَلْبِيّ اجتمعوا فى سفر، وَقَدْ اشْتَوَوْا حِمَارَ وَحْشٍ، فَغَابَ الْفَزَارِيّ فِي بعض حاجاته، فأكل صاحباه العير واختباله غرمولاه، فَلَمّا جَاءَ قَالَا لَهُ: هَذَا خَبْؤُنَا لَك، فَجَعَلَ يَأْكُلُ، وَلَا يُسِيغُهُ، فَضَحِكَا مِنْهُ، فَاخْتَرَطَ سيفه، وقال: لا قتلتكما إنْ لَمْ تَأْكُلَاهُ، فَأَبَى أَحَدُهُمَا فَضَرَبَهُ بِالسّيْفِ، فَأَبَانَ رَأْسَهُ، وَكَانَ اسْمُهُ:

مِرْقَمَهْ، فَقَالَ صَاحِبُهُ طَاحَ مِرْقَمَهْ، فَقَالَ الْفَزَارِيّ، وَأَنْتَ إنْ لَمْ تَلْقُمْهُ أَرَادَ: تَلْقُمَهَا، فَطَرَحَ حَرَكَةَ الْهَاءِ عَلَى الْمِيمِ، وَحَذَفَ الْأَلِفَ كَمَا قَدْ قِيلَ فِي الْحِيرَةِ أَيّ رِجَالٍ بِهِ أَيْ بِهَا، وَقَدْ عُيّرَتْ فَزَارَةُ بِهَذَا الْخَبَرِ حَتّى قَالَ سَالِمُ بْنُ دَارَةَ:

لَا تَأْمَنَن فَزَارِيّا خَلَوْت بِهِ ... عَلَى قُلُوصِك، وَاكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ

لَا تَأْمَنَنهُ وَلَا تَأْمَنْ بَوَائِقَهُ ... بَعْدَ الّذِي امْتَلّ أَيْرَ الْعَيْرِ فى النار


(١) يضرب فى تساوى الشىء فى الشرارة، والمثل فى مجمع الأمثال للميدانى ولكن ليس فيه القتل الذى سيذكر، وفيه الرجال: عبسى وفزارى وغطفانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>