للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْإِمَامِ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ مَعْمَعَةِ الْحَرْبِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ «١» ، وَيَكْرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقِتَالِ لِئَلّا يُخَالِطَ النّيّةَ غَرَضٌ آخَرُ غَيْرُ احْتِسَابِ نَفْسِهِ لِلّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.

نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ:

وَقَوْلُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ الْبِجَادِ، يَعْنِي الْكِسَاءَ مِنْ النّمْلِ مَبْثُوثًا، يَعْنِي رَآهُ يَنْزِلُ مِنْ السّمَاءِ. قَالَ: لَمْ أَشُكّ أَنّهَا الْمَلَائِكَةُ، وَقَدْ قَدّمَ ابْنُ إسْحَاقَ قَوْلَ الْآخَرِ: رَأَيْت رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ، وَكَانَتْ الْمَلَائِكَةُ فَأَرَاهُمْ اللهُ لِذَلِكَ الْهَوْاَزنِيّ عَلَى صُوَرِ الْخَيْلِ وَالرّجَالِ تَرْهِيبًا لِلْعَدُوّ، وَرَآهُمْ جُبَيْرٌ عَلَى صُورَةِ النّمْلِ الْمَبْثُوثِ إشْعَارًا بِكَثْرَةِ عَدَدِهَا، إذْ النّمْلُ لَا يُسْتَطَاعُ عَدّهَا مَعَ أَنّ النّمْلَةَ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْقُوّةِ، فَيُقَالُ: أَقْوَى مِنْ النّمْلَةِ، لِأَنّهَا تَحْمِلُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ جِرْمِهَا بِأَضْعَافٍ، وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ: جَعَلَ اللهُ قُوّتَك قُوّةَ النّمْلَةِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ مَا يَحْمِلُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ إلّا النّمْلَةُ «٢» ، وَهَذَا الْمَثَلُ قَدْ ذكره الأصبهانى فى كتاب الأمثال مَقْرُونًا بِهَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ أُهْلِكَ بِالنّمْلِ أُمّةٌ من الأمم، وهم جرهم.


(١) حديث: من قتل قتيلا فله سلبه حديث منفق عليه من حديث أبى قتادة. وقد قال مالك: لم يبلغنى أن النبى «ص» قال ذلك إلا يوم حنين، وإنما نفل النبى «ص» بعد أن برد القتال. وللامام ابن القيم تفصيل فى منشأ النزاع فى هذا الأمر وغيره فانظره ص ٤٥٧ ج ٢ زاد المعاد.
(٢) النملة بضم النون: النميمة. وكنية النمل: أبو مشغول، والنملة: أم نوبة وأم مازن. وسميت النملة نملة لتنملها، وهو كثرة حركتها وقلة قوائمها. يقول-

<<  <  ج: ص:  >  >>