للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمّا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَأَخَذَ عَجُوزًا مِنْ عَجَائِزِ هَوَازِنَ، وَقَالَ حِينَ أَخَذَهَا: أَرَى عَجُوزًا إنّي لَأَحْسِبُ لَهَا فِي الْحَيّ نَسَبًا، وَعَسَى أَنْ يَعْظُمَ فِدَاؤُهَا فَلَمّا رَدّ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّبَايَا بِسِتّ فَرَائِضَ، أَبَى أَنْ يَرُدّهَا، فَقَالَ له زهير أبو صرد: خذها عنك، فو الله مافوها بِبَارِدِ، وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدِ، وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدِ، وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدِ، وَلَا دَرّهَا بِمَاكِدِ. فَرَدّهَا بِسِتّ فَرَائِضَ حِينَ قَالَ لَهُ زُهَيْرٌ مَا قَالَ؛ فَزَعَمُوا أَنّ عُيَيْنَةَ لَقِيَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَشَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنّك وَاَللهِ مَا أَخَذْتهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً، وَلَا نَصَفًا وَثِيرَةً.

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد هوازن، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ مَا فَعَلَ؟ فَقَالُوا: هُوَ بِالطّائِفِ مَعَ ثَقِيفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنّهُ إنْ أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْت عَلَيْهِ أَهْلَهُ وماله، وأعطيته مائة مِنْ الْإِبِلِ، فَأَتَى مَالِكٌ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ مِنْ الطّائِفِ. وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ خَافَ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَيَحْبِسُوهُ، فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَهُيّئَتْ لَهُ، وَأَمَرَ بِفَرَسِ لَهُ فَأُتِيَ بِهِ إلَى الطّائِفِ، فَخَرَجَ ليلا، فجلس على فرسا، فَرَكَضَهُ حَتّى أَتَى رَاحِلَتَهُ حَيْثُ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُحْبَسَ، فَرَكِبَهَا، فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَأَدْرَكَهُ بِالْجِعْرَانَةِ أَوْ بِمَكّةَ، فردّ عليه أهله وماله، وأعطاه مائة مِنْ الْإِبِلِ، وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ؛ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حِينَ أَسْلَمَ:

مَا إنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ... فِي النّاسِ كُلّهِمْ بِمِثْلِ محمّد

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>