. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ مِنْ النّحْوِ ذَكَرَهَا سِيبَوَيْهِ، وَابْنُ السّرَاجِ فِي كِتَابِهِ، وَأَخَذَ الْفَارِسِيّ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ ابْنِ السّرَاجِ، فَكَثِيرًا مَا يَنْقُلُ مِنْ كِتَابِهِ بِلَفْظِهِ غَيْرَ أَنّهُ أَفْسَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَلَمْ يَفْهَمْ مَا أَرَادَ بِهَا، وَذَلِكَ أَنّهُمَا قَالَا: إذَا قُلْت أَوّلَ مَا أَقُولُ: إنّي أَحْمَدُ اللهَ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، فَهُوَ عَلَى الْحِكَايَةِ، فَظَنّ الْفَارِسِيّ أَنّهُ يُرِيدُ عَلَى الْحِكَايَةِ بِالْقَوْلِ، فَجَعَلَ إنّي أَحْمَدُ اللهَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ بِأَقُولُ، فَلَمّا بَقِيَ لَهُ الْمُبْتَدَأُ بِلَا خَبَرٍ تَكَلّفَ لَهُ تَقْدِيرًا لَا يُعْقَلُ، فَقَالَ: تَقْدِيرُهُ أَوّلُ مَا أَقُولُ: إنّي أَحْمَدُ اللهَ مَوْجُودٌ أَوْ ثَابِتٌ، فَصَارَ مَعْنَى كَلَامِهِ: إلَى أَنّ أَوّلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الّتِي هِيَ إنّي أَحْمَدُ اللهَ مَوْجُودٌ أَيْ: أَوّلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَوْجُودٌ، فَآخِرُهَا إذًا مَعْدُومٌ، وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ، كَمَا تَرَى، وَقَدْ وَافَقَهُ ابْنُ جِنّي عَلَيْهِ، رَأَيْته فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ، قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَلِيّ لِمَ لَا يَكُونُ: إنّي أَحْمَدُ اللهَ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، كَمَا تَقُولُ: أَوّلُ سورة أقرأها: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَذْفِ خَبَرٍ، قَالَ: فَسَكَتَ وَلَمْ يَجِدْ جَوَابًا، وَإِنّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوّلُ مَا أَقُولُ، أَيْ: أَوّلُ الْقِيلِ الّذِي أَقُولُهُ إنّي أَحْمَدُ اللهَ عَلَى حِكَايَةِ الْكَلَامِ الْمَقُولِ، وَهَذَا الّذِي أَرَادَ سِيبَوَيْهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ السّرَاجِ، فَإِنْ فَتَحْت الْهَمْزَةَ مِنْ أَنّ صَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَوّلُ الْقَوْلِ لَا أَوّلُ الْقِيلِ، وَكَانَتْ مَا وَاقِعَةً عَلَى الْمَصْدَرِ، وَصَارَ مَعْنَاهُ: أَوّلُ قَوْلِي الْحَمْدُ إذْ الْحَمْدُ قَوْلٌ وَلَمْ يُبَيّنْ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ كَيْفَ حَمِدَ اللهَ، هَلْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ بِهَذَا اللّفْظِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَى كَسْرِ الْهَمْزَةِ قَدْ بَيّنَ كَيْفَ حَمِدَ حِينَ افْتَتَحَ كَلَامَهُ، بِأَنّهُ قَالَ:
إنّي أَحْمَدُ اللهَ بِهَذَا اللّفْظِ، أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَى كَسْرِ الْهَمْزَةِ قَدْ بَيّنَ كَيْفَ حَمِدَ حِينَ افْتَتَحَ كَلَامَهُ، بِأَنّهُ قَالَ: إنّي أَحْمَدُ اللهَ بِهَذَا اللّفْظِ لَا بِلَفْظٍ آخَرَ، فَقِفْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute