. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَيْ: يَمُوتُ مُنْفَرِدًا، وَأَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ الْحَالُ لِنَفْيِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْفِعْلِ نَحْوَ كَلّمَنِي زَيْدٌ وَحْدَهُ، أَيْ: مُنْفَرِدًا بِهَذَا الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ غَيْرُهُ، أَيْ: كَلّمَنِي خُصُوصًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْت: كَلّمْته مِنْ بَيْنِهِمْ وَحْدَهُ، كَانَ مَعْنَاهُ خُصُوصًا كَمَا قَرّرَهُ سِيبَوَيْهِ، وَأَمّا الّذِي فِي الْحَدِيثِ، فَلَا يَتَقَدّرُ هَذَا التّقْدِيرَ، لِأَنّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَمُوتَ خُصُوصًا، وَإِنّمَا مَعْنَاهُ: مُنْفَرِدًا بِذَاتِهِ، أَيْ: عَلَى حِدَتِهِ، كَمَا قَالَ يُونُسُ، فَقَوْلُ يُونُسَ صَالِحٌ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ، وَتَقْدِيرُ سِيبَوَيْهِ لَهُ بِالْخُصُوصِ يَصْلُحُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاطِنِ، وَإِنّمَا لَمْ يَتَعَرّفْ وَحْدَهُ بِالْإِضَافَةِ، لِأَنّ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى لَا غير، ولأنها كلمة تنبىء عَنْ نَفْيٍ وَعَدَمٍ، وَالْعَدَمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَرّفًا مُتَعَيّنًا بِالْإِضَافَةِ، وَإِنّمَا لَمْ يُشْتَقّ مِنْهُ فِعْلٌ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا فِي الظّاهِرِ لِمَا قَدّمْنَاهُ مِنْ أَنّهُ لَفْظٌ يُنْبِئُ عَنْ عَدَمٍ وَنَفْيٍ، وَالْفِعْلُ يَدُلّ عَلَى حدث وزمان، فكيف يشتق من شىء ليس بِحَدَثٍ إنّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ انْتِفَاءِ الْحَدَثِ عَنْ كُلّ أَحَدٍ إلّا عَنْ زَيْدٍ، مَثَلًا إذَا قُلْت:
جَاءَنِي زَيْدٌ وَحْدَهُ، أَيْ: لَمْ يَجِئْ غَيْرُهُ، وَإِنّمَا يُقَالُ: انْعَدَمَ وَانْتَفَى بَعْدَ الْوُجُودِ لَا قَبْلَهُ، لِأَنّهُ أَمْرٌ مُتَجَدّدٌ كَالْحَدَثِ، وقد أطنبنا فى هذا الغرض، وردناه بَيَانًا فِي مَسْأَلَةِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ وَشَرْحِهَا.
أَجَأٌ وَسَلْمَى:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ الرّجُلَ الّذِي طَرَحَتْهُ الريح بجبلى طىّء، وهما أجأ وسلمى وَعَرّفَ أَجَأً بِأَجَأِ بْنِ عَبْدِ الْحَيّ كَانَ صُلِبَ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَسَلْمَى صُلِبَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute