للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ: إنّي أَرَدْت أَنْ أَخْتَبِرَ صَلَابَتَكُمْ فِي دِينِكُمْ، فَقَدْ رَضِيت عَنْكُمْ فَرَضُوا عَنْهُ، ثُمّ كَتَبَ كِتَابًا، وَأَرْسَلَهُ مَعَ دِحْيَةَ يَقُولُ فِيهِ لِلنّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنّي مُسْلِمٌ، وَلَكِنّي مَغْلُوبٌ عَلَى أَمْرِي، وَأَرْسَلَ إلَيْهِ بِهَدِيّةٍ، فَلَمّا قَرَأَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ، قَالَ: كَذَبَ عَدُوّ اللهِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، بَلْ هُوَ على نَصْرَانِيّتِهِ.

مَوْقِفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ الْهَدَايَا:

وَقَبِلَ هَدِيّتَهُ، وَقَسّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ هَدِيّةَ مُشْرِكٍ مُحَارِبٍ، وَإِنّمَا قَبِلَ هَذِهِ لِأَنّهَا فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِذَلِكَ قَسّمَهَا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَتَتْهُ فِي بَيْتِهِ كَانَتْ لَهُ خَالِصَةً، كَمَا كَانَتْ هَدِيّةُ الْمُقَوْقِسِ خَالِصَةً لَهُ، وَقَبِلَهَا مِنْ الْمُقَوْقِسِ؛ لِأَنّهُ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا لِلْإِسْلَامِ، بَلْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْمَيْلَ إلَى الدّخُولِ فِي الدّينِ.

وَقَدْ رَدّ هَدِيّةَ أَبِي بَرَاءٍ مُلَاعِبِ الْأَسِنّةِ، وَكَانَ أَهْدَى إلَيْهِ فَرَسًا، وَأَرْسَلَ إلَيْهِ:

إنّي قَدْ أَصَابَنِي وَجَعٌ أَحْسَبُهُ قَالَ: يُقَالُ لَهُ: الدّبَيْلَةُ «١» ، فَابْعَثْ إلَيّ بِشَيْءٍ أَتَدَاوَى بِهِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُكّةِ عَسَلٍ «٢» ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِهِ وَرَدّ عَلَيْهِ هَدِيّتَهُ، وَقَالَ: إنّي نُهِيت عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَنْسُبُ هَذَا الْخَبَرَ لِعَامِرِ بن الطّفيل عدوّ الله، وإنما هو


(١) الدبيلة: خراج ودمل كبير تظهر فى الجوف، فنقتل صاحبها غالبا.
(٢) العكة من السمن أو العسل هى وعاء من جلود مستدير يختص بهما. وهو بالسمن أخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>