للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ اخْتَلَفَا فِي أَمْرِ الزّبْرِقَانِ وَعَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِتَقْدِيمِ الزّبْرِقَانِ، وَأَشَارَ الْآخَرُ بِتَقْدِيمِ عَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ حَتّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إلَى قَوْلِهِ: لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَلّمَ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ لَا يُكَلّمُهُ إلّا كَأَخِي السّرَارِ «١» .

إنّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا:

وَفِي هَذَا الْوَفْدِ جَاءَ الْحَدِيثُ أَنّ رَجُلَيْنِ قَدِمَا مِنْ نَجْدٍ فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، وَأَدْخَلَهُ مَالِكٌ فِي بَابِ مَا يُذَمّ مِنْ الْقَوْلِ، مِنْ أَجْلِ أَنّ السّحْرَ مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَغَيْرُهُ يَذْهَبُ إلَى أَنّهُ مَدْحٌ لَهُمَا بِالْبَيَانِ وَاسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ كَالسّحْرِ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِهِمَا.

إنّ عَمْرًا قَالَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الزّبرقان: إنه مطاع فى أذنيه سَيّدٌ فِي عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ الزّبْرِقَانُ: لَقَدْ حَسَدَنِي يَا رَسُولَ اللهِ لِشَرَفِي، وَلَقَدْ عَلِمَ أَفْضَلَ مِمّا قَالَ. قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: إنّهُ لَزَمِرُ الْمُرُوءَةِ ضَيّقُ الْعَطَنِ لَئِيمُ الْخَالِ، فَعَرَفَ الْإِنْكَارَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال: يا رسول الله


(١) عند البخارى فى رواية أن أحدهم أشار بالأقرع بن حابس، والآخر برجل آخر. قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافى الخ، وقد انفرد به البخارى دون مسلم. وفى رواية أخرى أن أبا بكر أشار بتأمير القعقاع بن معبد، وأن عمر أشار بتأمير الأقرع بن حابس. وفى مسند البزار أن أبا بكر هو الذى قال: يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخى السرار. وهناك روايات أخرى تخالف هذه حول أسباب نزول الآية، فالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>