للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَتَخُطّ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ كَأَنّهُ حِمَارٌ، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ: الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَتَى بِك مِنْ سَهْلِك وَحَزَنِك، وَسَهّلَ قَلْبَك لِلْإِيمَانِ، ثُمّ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا زَيْدُ الْخَيْلِ بْنُ مُهَلْهِلٍ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ، وَأَنّك عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ لَهُ: بَلْ أنت زيد الخير، ثُمّ قَالَ: يَا زَيْدُ مَا خُبّرْت عَنْ رَجُلٍ شَيْئًا قَطّ إلّا رَأَيْته دُونَ مَا خُبّرْت عَنْهُ غَيْرَك، فَبَايَعَهُ، وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا عَلَى مَا أَرَادَ، وَأَطْعَمَهُ قِرًى كَثِيرَةً، مِنْهَا: فَيْدٌ، وَكَتَبَ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى قَوْمِهِ إلّا وَزَرَ بْنَ سُدُوسٍ، فَقَالَ: إنّي لَأَرَى رَجُلًا لَيَمْلِكَنّ رِقَابَ الْعَرَبِ، وَلَا وَاَللهِ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتِي عَرَبِيّ أَبَدًا، ثُمّ لَحِقَ بِالشّامِ، وَتَنَصّرَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَلَمّا قَامَ زَيْدٌ مِنْ عِنْدِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَيْ فَتًى لَمْ تُدْرِكْهُ أُمّ كُلْبَةَ، يَعْنِي: الْحُمّى، وَيُقَالُ: بَلْ قَالَ: إنْ نَجَا مِنْ آجَامِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ زَيْدٌ حِينَ انْصَرَفَ:

أُنِيخَتْ بِآجَامِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعًا ... وَعَشْرًا يُغَنّي فَوْقَهَا اللّيْلَ طَائِرُ

فَلَمّا قَضَتْ أَصْحَابُهَا كُلّ بُغْيَةٍ ... وَخَطّ كِتَابًا فِي الصّحِيفَةِ سَاطِرُ

شَدَدْت عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَشَلِيلَهَا ... مِنْ الدّرْسِ وَالشّعْرَاءِ وَالْبَطْنُ ضَامِر

الدّرْسُ: الْجَرَبُ. وَالشّعْرَاءُ: ذُبَابٌ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيّ فِي حَدِيثِهِ:

وَأَهْدَى زَيْدٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مخذما وَالرّسُوبَ، وَكَانَا سَيْفَيْنِ لِصَنَمِ بَلِيّ الْفَلْسِ «١» ، فَلَمّا انْصَرَفُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:


(١) الفلس بضم الفاء واللام، أو سكونها أو بفتح الفاء وسكون اللام هو-

<<  <  ج: ص:  >  >>