وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجّ هَذَا الْبَيْتَ، وَتَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَلَا تَتَأَمّرْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَبَدًا. قَالَ: قُلْت: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَمَا أَنَا وَاَللهِ فَإِنّي أَرْجُو أَنْ لَا أُشْرِكَ بِاَللهِ أَحَدًا أَبَدًا، وَأَمّا الصّلَاةُ فَلَنْ أَتْرُكَهَا أَبَدًا إنْ شَاءَ اللهُ، وَأَمّا الزّكَاةُ فَإِنْ يَكُ لِي مَالٌ أُؤَدّهَا إنْ شَاءَ اللهُ، وَأَمّا رَمَضَانُ فَلَنْ أَتْرُكَهُ أَبَدًا إنْ شَاءَ اللهُ، وَأَمّا الْحَجّ فَإِنْ أَسْتَطِعْ أَحُجّ إنْ شاء الله تعالى، وأما الجنابة فأغتسل مِنْهَا إنْ شَاءَ اللهُ، وَأَمّا الْإِمَارَةُ فَإِنّي رَأَيْت النّاسَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَشْرُفُونَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَ النّاسِ إلّا بِهَا، فَلِمَ تَنْهَانِي عَنْهَا؟ قَالَ:
إنّك إنّمَا اسْتَجْهَدْتَنِي لِأَجْهَدَ لَك، وَسَأُخْبِرُك عَنْ ذَلِكَ، إنْ اللهُ عَزّ وَجَلّ بَعَثَ مُحَمّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِهَذَا الدّينِ، فَجَاهَدَ عَلَيْهِ حَتّى دَخَلَ النّاسُ فِيهِ طَوْعًا وكرها، فلما دخلوا فيه كانوا عواذ لله وَجِيرَانَهُ، وَفِي ذِمّتِهِ، فَإِيّاكَ لَا تُخْفِرْ اللهَ فى جيرانه، فيتبعك الله فى خَفْرَتَهُ، فَإِنّ أَحَدَكُمْ يُخْفَرُ فِي جَارِهِ، فَيَظِلّ نَاتِئًا عَضَلَهُ، غَضَبًا لِجَارِهِ أَنْ أُصِيبَتْ لَهُ شَاةٌ أَوْ بَعِيرٌ، فَاَللهُ أَشَدّ غَضَبًا لِجَارِهِ قَالَ:
فَفَارَقْته عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: فَلَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمّرَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النّاسِ، قَالَ: قَدِمْت عَلَيْهِ، فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَمْ تَكُ نَهَيْتَنِي عَنْ أَنْ أَتَأَمّرَ عَلَى رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: بَلَى، وَأَنَا الْآنَ أَنَهَاك عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْت لَهُ: فَمَا حَمْلُك عَلَى أَنْ تَلِيَ أَمْرَ النّاسِ؟ قَالَ: لَا أَجِدُ مِنْ ذَلِكَ بُدّا، خَشِيت عَلَى أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْفُرْقَةَ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute